نظرهم في هذه الموجودات يفيدهم ثلاثة أمور، [... ] واتصافه بصفات الكمال، ومن جملة ذلك كونه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، وفي ضمن هذه جواز بعثة الرسل.
قوله تعالى: (مُزْدَجَرٌ).
الظاهر والأرجح كونه اسم مكان لَا اسم مصدر، لأن قولك هذا الموضع محل الياقوت، أبلغ من قولك: في هذا موضع ياقوت، كذلك قولك هذا البناء محل للازدجار أبلغ من قولك: هذا البناء للازدجار.
قوله تعالى: ﴿حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ... (٥)﴾
كونه خبر مبتدأ أحسن من كونه بدلا من مزدجر، لأن مزدجرا أخص منه، وبدل الأعم من الأخص ممنوع عندهم، حسبما ذكره في قول امرئ القيس:
كأنِّي غَداةَ البَينِ يَومَ تَحَمَّلُوا... لدَى سَمُراتِ الحَيِّ ناقِفُ حَنظَلِ
قوله تعالى: (فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ)، الأولى: أنها جمع نذر لَا جمع نذير، ليكون آخر الآية موافقا لأولها، لأن أولها في الإيتاء، وهي معنى من المعاني، فيكون آخرها كذلك، واعلم أن حصول الشبع عند الأكل عندنا أمر عادي، واستلزم العلم للعالمية أمر عقلي، وأما استلزام الدليل للمدلول فمذهب الجمهور أنه عقلي، ومذهب الشيخ أبي الحسن الأشعري: أنه عادي، والآية حجة للأشعري لقوله (فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ)، والفاء [للتعقيب، واقتضت*] نفي كون ألا يناسبها في الازدجار.
قوله تعالى: ﴿فَتَوَلَّ عَنْهُمْ... (٦)﴾
التول قسمان: حسي، وليس هو أمرا وهنا الآية [... ]. ضد الألف واللام، لأنهما لَا يجتمعان أيضا، فإِذا كانت الألف واللام لَا تجتمع مع ضد الياء، وهو التنوين [**فهذا الألف واللام؛ لأنهما يلزم أن يكون مجتمع مع الياء، لأن ضد الضد ليس بضد].
قوله تعالى: (شَيْءٍ نُكُرٍ).
أنكر النكرات، فأتى به هنا قصدا للعموم والتعظيم، وكذا أنكر شيء تنكره العقول، والموجودات قسمان: فمنها ما ينكر، ومنها ما لَا ينكر، كالنار فإِنا نجد


الصفحة التالية
Icon