الأول: أفاد الأول التكذيب المطلق لكل ما جاءت به الرسل، والثاني تكذيبهم لنوح عليه السلام.
والثاني: قال الفخر: التكذيب، والثاني كالعلة والبرهان على الأول، كما تقول كذبت زيدا فكذبت صادقا لصدق علمه في التوبيخ والوعيد، وكذلك قوله تعالى: (فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا).
الثالث: أفاد الأول تكذيبهم للأمر بالدليل العقلي، وأفاد الثاني تكذيبهم لما ثبت بالدليل السمعي، لأن المحدثات كلها دالة على وجود الصانع، وأنه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، ومن جملة ذلك، بعثة الرسل فنوح عليه السلام إنما أتى بمقتضى الدليل العقلي، وهو أول من بعث لأهل الأرض، فقال (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ)، أي كذبوا بما أثبته العقل، ثم فقال (فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا)، إشارة إلى تكذيبهم بالمعجزات الدالة على صدقه، فكذبوا بالدليل السمعي.
السؤال الثاني: ما أفاد قوله تعالى: (قَبْلَهُم) مع أنه معلوم أن قوم نوح قبلهم، وأجابه أنه أفاد التنبيه على مشاركتهم لهم في التكذيب والكفر.
السؤال الثالث: لما قدم الظرف على الفاعل، والأصل (كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوح) وأجاب: أنه قصد الاهتمام بما أضيف إليه الظرف، وهو ضمير قريش، فهو أبلغ في التخويف والإنذار.
قوله تعالى: [فَالْتَقَى الْمَاءُ (١٢) *]. المانع أنه امتزج بعضه ببعض، لأن الأجسام عندنا لا تتداخل بوجه فهي ملاقاة.
قوله تعالى: (عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ).
الأمر هنا بمعنى [الشأن*]، ويحتمل أن يكون ضد النهي، لأن المحدثات إنما تتوقف على القدرة، والإرادة والعلم خاصة بلا خلاف، وأما توقفها على الكلام سمعا، فقال القاضي أبو بكر الباقلاني: إنها تتوقف مع ذلك على الكلام، لقوله تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، [**وأنكر بذلك قوله]، فعلى قول القاضي يكون الأمر في الآية ضد النهي.
قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ تَرَكْنَاهَا آيَةً... (١٥)﴾


الصفحة التالية
Icon