هريرة: خاصمت قريش رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في القدر فنزلت الآية، انتهى، القدرية ليسوا مذكورين في السير، إذ لم يحدث أمرهم إلا بعد ذلك، وعليه قالوا إن بعض القدرية أنكر عليه أبو حنيفة مذهبه، وقال: إنه حادث لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهو بدعة، فقال له القدري: إن لم تسكت أسألك عن حديث كذا، فسكت لأن أبا حنيفة لم يكن في حفظ الحديث بتلك المنزلة، وكان بعضهم سأل القاضي أبا بكر الباقلاني عن القدرية، أكانوا في الزمن الأول أو لا، فقال: لم يكونوا فيه، فقال: فإِذًا كل واحد منهم مخالف للإبداع.
قوله تعالى: ﴿وَمَا أَمْرُنَا إِلَّا وَاحِدَةٌ... (٥٠)﴾
يحتمل أن يريد الثاني أو الكلام، وهو قوله (كُنْ فَيَكُونُ)، والخلق موقوف على الحياة والقدرة والإرادة عقلا، وأما الكلام فمتوقف عليه عندنا سمعا لقوله تعالى: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، وواحدة إشارة لعدم الفصل بين الكلام والأمثال لسرعة التكوين.
قوله تعالى: (كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ).
تمثيل بأقرب ما يمكن في الأمور الجليات، وإلا فالعقل يهدي إلى أنه أسرع من ذلك وأقرب، وفي آية أخرى (وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ)، [فأضافه*] وهنا فصله عن الإضافة، فالجواب: بما قال الزمخشري: في قوله تعالى: (وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ)، أن فيه التفسير بعد الإبهام، واستدل على إثبات القدرة بالاتحاد في قوله تعالى: (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)، وبالإعدام في قوله (وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ)، واتعاظ الإنسان بهلاك صاحبه، أو قريبه أقرب من اتعاظه بهلاك الأجنبي، وأكد هذا لأن المخاطب عليه مخايل الإنكار كما قال تعالى (ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ).
قوله تعالى: ﴿وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ... (٥٢)﴾


الصفحة التالية
Icon