أعمدتها كما هي الكرة لذلك، وكان بعضهم يقول: تضمنت الآية أمرين: اعتقادي عقلي، وشرعي تكليفي، قوله تعالى: (وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا)، إيماء وإشارة إلى التذكير بالآيات السماوية الدالة على الوحدانية، والإيمان بها.
قوله تعالى: (وَوَضَعَ).
راجع إلى التذكير إلى الأمور الشرعية التكليفية، قال ابن عطية: قيل: هو الميزان حقيقة، وقيل: المراد الأخص منه، وهو الكيل إما بالميزان، أو بالكيل، وقيل: المراد الأعم، وهو مطلق [العدل*].
قوله تعالى: ﴿وَلَا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ (٩)﴾
تأكيد المقام الوعظ والتكليف، وتخسروا من خسر، قال أبو حيان: وقرأ [الجمهور*] بضم التاء من أخسر، أي نقص، وقرأ زيد بن علي بفتح التاء من خسر يعني أخسر [كجبر وأجبر*]، وحكى ابن جني عن بلا فتح التاء والسين مضارع خسِر بكسر السين، وخرجها الزمخشري: على أن التقدير في الميزان محذوف الجار ونصب، ورد بأنه قدح متعدٍّ بنفسه، كقوله تعالى: (خَسِرُوا أَنْفُسَهُم)، (خَسِرَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةَ)، فلا حاجة إلى تقدير حذف الجر.
قوله تعالى: ﴿خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ صَلْصَالٍ كَالْفَخَّارِ (١٤)﴾
وقال ابن عطية: الفخار [الطين الطيب إذا مسه الماء فخر أي ربا وعظم*]، وقال الزمخشري: [الفخار*] الطين المطبوخ بالنار، وهو [الخزف*]، قال ابن عرفة: تفسير الزمخشري أحسن، وأما تفسير ابن عطية، فيجيء فيه [تشبيه*] الشيء بنفسه، أو يلزم عليه أن تكون الطينة التي خلق منها آدم عليه السلام ليست طيبة الرائحة؛ بل منتنة، قال الفخر ابن الخطيب: إن كل إنسان مخلوق من التراب، لأن أصله من النطفة، والنطفة [مكونة*] عن الغذاء، والغذاء من النبات، والنبات من التراب، ورده ابن عرفة: بأن المراد أصل الخلق، وهذه فروع عنه، قال ابن عرفة: وسيقت الآية لبيان والاستدلال على وجود الصانع وقدرته، وأن الإنسان يستحضر أول مرة [تكونه وانتقاله من عدم إلى وجود، ومن وجود إلى وجود*].
قوله تعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (١٦)﴾
قال ابن عرفة: جمع الآلاء مع أنها نعمة واحدة، وهي نعمة الإيجاد والإبراز من العدم، قال: وأجيب بوجهين:


الصفحة التالية
Icon