وقال أبو حيان: هو استئناف، وقيل: حال من الوجه، والعامل فيه (يبقي) وهو بعيد، قال ابن عرفة: لأن السؤال في الدنيا، وحينئذ لم يكن ثم مخلوق، بل يكونوا فنوا وماتوا كلهم، قلت: وأجاب الفخر: بأن السؤال من الملائكة بعد فناء أهل الأرض يقولون: ماذا نفعل؟ فيأمرهم بما يشاء، ثم يموتون بعد ذلك، فإن قلت: إن السؤال في الدار الآخرة، قلنا: الآية إنما جاءت لبيان كمال الخضوع والافتقار، والسؤال النافع إنما هو في الدنيا لَا في الآخرة، قال ابن عرفة: وجاهدا على الاصطلاح الذي قال الحوفي في الجمل: إن الطلب إن كان من الأدنى إلى الأعلى فهو سؤال ويسميه الآخرون دعاء.
قوله تعالى: (مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ).
إن كان المراد بالسؤال بلسان الحال، وهو الخضوع والافتقار، فتكون من عامة في العاقل وغيره، والجمادات وغلب من يعقل ولاسيما على القول، بأن الأعراض لَا تبقي زمنين، وكل جوهر في كل زمن مفتقر الإمداد بالعرض، وإن كان المراد السؤال بلسان المقال، فيكون المراد العاقل حقيقة وتبادل غير العاقل باللزوم، لأن السؤال يستلزم الافتقار والحاجة، وإذا كان العاقل مفتقرا محتاجا مع إمكان توهم قدرته على الضر والنفع، [فأحرى*] غير العاقل.
قوله تعالى: (يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ).
قال الزمخشري: يسأله أهل السماوات ما يتعلق بدينهم، وأهل الأرض ما يتعلق بدينهم ودنياهم، قال ابن عرفة: هذا اعتزال، لأن الملائكة معصومون فهم محتاجون إلى السؤال في الأمر الدنيوي، قال ابن عرفة: ولم يزل الشيوخ يخطئون من يقول: إن إبليس كان من الملائكة، قال قوله تعالى: (وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ) كانا عاملين بالسحر، ولم يعملا به لأن الملائكة معصومون.
قوله تعالى: (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ).
قال ابن عرفة: هذا تقرر في أصول الدين أن الزمان تارة يضاف إلى [خاص]، لأن الله تعالى يستحيل عليه الزمان، قال ابن عطية: قال النقاش: إن سبب [هذه*] الآية قول اليهود إن الله استراح يوم السبت، فلا ينفذ فيه شيئا، قال ابن عرفة: اليهود هم [... ]، لأن الرحمة من عوارض الأجسام، وهذه الآية ترد على اليهود، فإِن المراد باليوم الوقت، وإذا كان في كل وقت، وإن دق في شأن، فأحرى أن يكون في يوم السبت في


الصفحة التالية
Icon