يكون له في الجنة السدر، وإمَّا لأنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى، لأنه إذا كان مثل ذلك في الجنة محصلا للنعيم، ونوعا من أنواعه، فأحرى ما هو أعلى منه. ومخضود، قيل: لَا شوك فيه، وقيل: لَا ثمر فيه، فعلى الأول: يكون الوصف بـ (مخضود) [حاجيًّا*] وعلى الثاني: يكون [تكميليا*]، واختلف الزمخشري وابن عطية في مسمى الطلح، فقال الزمخشري: شجر أم غيلان، وقال ابن عطية: شجر السدر، والصحيح الأول، وجعل السدر [ظرفا لهم*]، لأنه أشجار متعددة، وهم بينها، [وفي حديقتها*] وهي محتفة بهم.
قوله تعالى: ﴿وَظِلٍّ مَمْدُودٍ (٣٠)﴾
أي لأنه تقلص فيه إذ لا شمس هنالك فكلها ظل.
قوله تعالى: ﴿وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (٣٢)﴾
وقال قبلها (وَفَاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ)، والتخيير على الكثرة، إذ لَا يتخير الإنسان إلا في الكثير، وتلك للسابقين، ففاكهتها كلها متخيرة، وهذه لمن دونهم ففاكهتها كثيرة يتخيرون فيها، والترتيب في هذه على سبيل الترتيب الوجودي، لأنه أول ما يدخل الإنسان [جنته*] في الدنيا، ينظر إلى أشجارها ثم يجلس في ظلها، [فينظر*] إلى الماء الجاري تحتها، ثم يطلب الفاكهة ليأكل منها، ثم إذا أكل يستريح، فيطلب الفرش لينام عليه (وَأَصْحَابُ اليَمِينِ مَا أَصْحَابُ اليَمِينِ)، وهذا [وأمثاله*] (الْحَاقَّةُ (١) مَا الْحَاقَّةُ)، (الْقَارِعَةُ (١) مَا الْقَارِعَةُ (٢)، سؤال وهو أن المعلوم في أحد جزئي الجملة الابتدائية، يكون مبتدأ، والمجهول خبرا، لأن الخبر هو الجزء المستفاد من الجملة الابتدائية، وقد أتى أصحاب اليمين في الجملة الأولى مبتدأ، وفي الثانية خبرا، فإِما أن يكون معلوما أو مجهولا، وعلى كلا الأمرين فالسؤال وارد، وأجيب: [بأنه*] معلوم من حيث التصور، فصح كونه مبتدأ، ثم أخبر به بضمنه دلالته على التهويل والتعظيم، فإن قلت: إن ذلك إنما أتى مجموع العلة الدالة عليه وعلى إرادة الاستفهام، وكلامنا في الإخبار به وحده عن أداة الاستفهام، فالجواب: أن مجرد الإخبار به تعظيم؛ [كقوله*]: أنا أبو النجم وشعري شعري.
قوله تعالى: ﴿فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ (٢٨)﴾
ابن عطية: المخضود هو قطع شوكه، الزمخشري: هو الذي لَا شوك له، كأنه خضد شوكه أي قطع، انتهى، وهذا أحسن لإفادته أنه [لم يخلق*] فيه شوك أصلا، وبدأ


الصفحة التالية
Icon