إما موضع الحال أي أترابا حالة كونهن لأصحاب اليمين، وإما متعلق بـ (أترابا)، أي هن من تراب أصحاب اليمين الرجال، أي النشأ أتراب الرجال في السن والقد، فإن قلت: تقييده بأصحاب اليمين على كل تقدير [ينفي*] ذلك على السابقين، وقد قال في تنعيمهم (وَحُورٌ عِينٌ)؟ قلت: أصحاب اليمين أخفض رتبة من السابقين، فإذا ثبت لهم هذا فأحرى [للسابقين*].
قوله تعالى: ﴿ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩) وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠)﴾
أي جماعة من الأولين في الجنة، وجماعة من هذه الأمة فيها، قيل: في الجمع بينها على هذا، وبين قوله تعالى: (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ * وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ)، أجيب: احتمال أن يريد أهل الجنة بالنوع لَا بالشخص، أي منكم الثلثان، [ومنهم*] الثلث، فأنتم أكثر من كل أمة على حدتها، قيل: بل [ظاهره*] أنهم أكثر من مجموع الأمم، أجيب: بأن الثلة مقولة بالتشكيك تطلق على الجماعة الكثيرة والقليلة، ولا تنافي بين الاثنين.
قوله تعالى: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١)﴾
هذه الآية وأمثالها حجة لمن جعل الصحبة حقيقة في معناها الأخص لَا الأعم، فإن قلت: نقلها عندهم من التواطؤ أو التشكيك، فهي في الأخص أولى، قلت: إذا تعارض حمل اللفظ على معناه حقيقة أو بطريق التواطؤ أو التشكيك، فحمله على الحقيقة أولى، فإن قلت: لعله مشترك، أو منقول اصطلاحا من المعنى الأخص إلى الأعم، قلت: من شرط النقل اتفاق أهل الاصطلاح على الشيء الذي نقل إليه، كما في الصلاة والنكاح والغائط، والمحدثون مختلفون في مسمى الصاحب، وسماهم أصحاب الشمال، لما في حديث الإسراء في آدم عليه السلام: "أنه [عَلَى*] يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ"، أو لغير ذلك.
قوله تعالى: ﴿فِي سَمُومٍ... (٤٢)﴾


الصفحة التالية
Icon