ابن عطية: هو الريح الحارة، الزمخشري: أي في حر نار تنفذ في المسام، انتهى، هذا أقرب إلى اللفظ، وهذا مقابل لنعيم أصحاب اليمين، [مقابل*] بثلاثة أوصاف: لأن السدر المخضود، والطلح المنضود، كالشيء الواحد، فإِن قلت: لم قدم الظل الممدود هنا على الماء المسكوب، وأخره هنا على الحميم المقابل للماء المسكوب؟ فالجواب: أن السموم وهي الريح الحارة تحدث وهجا ولهبا في الجسم فيلجئون إلى تبريدها بشرب الماء، فيجدونه حميما، فحينئذٍ يلجئون إلى الظل فالاحتياج إلى الماء أشد منه إلى الظل، بخلاف حالة النعم، فإِن المأكل فيها رطب لَا يلجأ إلى شرب الماء، فالحاجة إلى الماء تكميلية، والظل ملازم للجنة والشجر، فلذلك قدم.
قوله تعالى: [(وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) *]
فإِن قلت: هلا قيل (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ)، [حارٌّ ضارٌّ*]، فلم أتى به منفيا؟ فأجاب الزمخشري عليه [باستعماله في معناه الأخص*].
قوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥)﴾
علل عذاب هؤلاء ولم يعلل نعيم هؤلاء، لأن الثواب عندنا محض تفضل من الله تعالى، لَا جزاءً عن العمل، والعقاب محض عدل، وجزاء عن السيئات، وهذه أجزاء علة واحدة، وليست عللا متعددة، والآية حجة لمن يقول: إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة، وحجة لمن يقول: إن عذاب أهل النار، ونعيم أهل الجنة حسي، ورد على من زعم أنه معنوي، وهو قول حكاه الفخر في المعالم بأن [... ]، فإِن قلت: لم قال مترفين [(٤٥) *] فعبر بالاسم؟ [وعادتهم*]: يعبرون بالفعل، قلت: إنه إشارة إلى تزايدهم في الأمر، أو أنهم مهما أتاهم النبي ﷺ بمعجزة أظهروا لها [**إنكارا يخصها] وزاد في تعنتهم، وأما الإتراف فهو ملازم لهم.
قوله تعالى: ﴿وَكَانُوا يَقُولُونَ أَئِذَا مِتْنَا... (٤٧)﴾
هذا فرق، لأن الوصف الأول تضمن تنعمهم بالحرام، والثاني: [الكفر بالإسلام*]، لإضافة الشريك إليه، وهو أشد، والثالث: نسبته إلى العجز عن إعادة المعدوم، وهو أشد من الأولين، فإِن قلت: لم قدم التراب على الطعام مع أن صيرورتهم ترابا في الوجود الخارجي متأخر عن صيرورتهم عظاما؟ فالجواب من وجهين:
الأول: أن التراب بالنسبة إلى لحومهم فقط، وهو مقارن للعظام.
الثاني: أن الإنكار تعلق بإعادتهم بعدما صاروا ترابا وعظاما، فيدل من باب أحرى على إنكار الإعادة من الجسم الذي كله تراب، فإِن قلت: هؤلاء قالوا: أينا نبعث بلفظ


الصفحة التالية
Icon