وقع الإنكار هذا [ترديد*] بين خلقهم، وخلق الله تعالى، وفي سورة الطور (أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ)، بالترديد بين خلقهم من غير شيء، وخلق أنفسهم، والجواب: إن هذه مانعة الجمع، فإن قلت: لم عبر في الأول بالفعل، وفي الثاني بالاسم؟ قلت: كان المقصود بالأول نفي الخلق عنهم، فناسب الفعل، لأنه مطلق يصدق بصورة، فإذا انتفى [عم*]، لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص، والمقصود بالثاني: ثبوت الخلق لله تعالى، فناسب الاسم للثبوت والدوام، الزمخشري: ومنها دليل لمن يقول بالقياس، انتهى، يريد بالقياس المنطقي المضاد للتصور، وليس مراده الأصلي؛ لأن هذا ليس بقياس تمثيلي، وإنما هو استدلال.
قوله تعالى: ﴿قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ... (٦٠)﴾
دليل على أن الموت أمر وجودي بناء على أن العدم الإضافي لَا يكون [أثرا*] للقدرة.
قوله تعالى: ﴿وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لَا تَعْلَمُونَ (٦١)﴾
فيه رد على [الطبائعيين*] القائلين: بأن النفوس البشرية ألفت أجسادها بالطبيعة، ولو تركبت في غيرها لما أمكن ذلك عندهم، ونحن نقول: الأجساد كلها متساوية في الحد والحقيقة.
قوله تعالى: ﴿أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ (٦٤)﴾
جاء على الأصل في كون الجملة الأولى: فعلية، لأن المراد نفيها، والثانية: اسمية؛ لأن المراد ثبوتها.
قوله تعالى: ﴿لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَامًا... (٦٥)﴾
(لَوْ) حرف امتناع، قال النحويون: امتنع الثاني لامتناع الأول، ونص عليه ابن السراج، وابن مالك، وغيرهما، وأبو حيان في أول البقرة، وقيل: بل المراد أن الأول امتنع لامتناع الثاني، نص عليه ابن التلمساني، وابن الحاجب في شرح مفصل الزمخشري، وفي تأليف له خاص [**لوجد أن عن النحويين ما تقدم]، واختار هو أن الأول تمنع لامتناع الثاني، فإذا قلت: لو قام زيد لقام عمرو، معناه [أن امتناع*] عمرو من القيام دلني على امتناع زيد منه، فهو باعتبار العلم والاعتقاد ينتفي فيها الأول لانتفاء الثاني، وباعتبار السببية، والوجود الخارجي ينفي الثاني لانتفاء الأول، وقرره ابن الحاجب بأن انتفاء السبب لَا يدل على انتفاء المسبب، لجواز أن يكون ثَمَّ أسباب


الصفحة التالية
Icon