عشر نصفها وربعها وسدسها، وحذف سدسها خمسة عشر حسبما ذكره العدديون، وذكر القرافي في قواعده: والخلق في مقدار هذه الأيام لَا فيها؛ إذ لَا أيام حينئذ، ولا شمس ولا قمر، وتحديد الخلق بهذا المقدار مع قدرته تعالى على أن يخلقها كلها في زمن واحد، [منهم من وقف فيه*]، وقال: لَا يدرك حكمته إلا الله عز وجل، وفيه تنبيه للإنسان على [التأني*] في أموره، والاهتداء والطمأنينة، كما ورد في الشرع ذم العجلة، قال تعالى (خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ)، وقال: (وَكَانَ الإنْسَانُ عَجُولًا).
قوله تعالى: ﴿يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ... (٦)﴾
أي يولج الليل في زمن النهار، أي أن الزمان الذي كان نهارا يصير بعضه ليلا، والزمان الذي كان ليلا يصير بعضه نهارا، وهذا إن قلنا: إن الأرض بسيطة، فهو متحد في كل البلاد، وإن قلنا: إنها [كورية*] فهو بحسب الأقطار، فإِيلاج كل قطر بحسبه، ونظير هذه الآية في سورة لقمان، وسيأتي الكلام فيها.
[قوله تعالى (فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ.. (٧).. ، قيل: ما أفاد المجرور وهو (مِنْكُمْ)؟
أُجيب بأن ذكره يتضمن إزالة الوحشة عن المخاطب، إذ كان سبق منه كثرة الرد والطعن في الإسلام، فصرح به ليقضي شوق المخاطب*]، [لما كان صدر منه فاستعار له الإسلام*].
قوله تعالى: ﴿وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ... (٨)﴾
إما خطاب للمشركين أو للمؤمنين، أي ما لكم [لَا تدومون*] على إيمانكم، ويحتمل أن يكون خطابا للمنافقين الذين آمنوا في الظاهر، وكفروا في الباطن، الفخر: فيها دليل [للمعتزلة*] على أن العبد له قدرة واختيار، إذ لَا يقال ذلك إلا لمن يتمكن من [الفعل*] كما لَا يقال ما لك [لَا تَطُولُ وَلَا تَبِيضُ*] نقله عن القاضي عن الجبار، ويجاب: بأن ذلك إنما يقتضي أن للعبد في الفعل الكسب، وهو العلم بما في الفعل من مصلحة، أو مفسدة، وهو مذهبنا وحقه أن يقول فيها رد على المجبرة القائلين: بأن الإنسان حركته كحركة العرضي، الفخر: وفيها دليل على أن معرفة الله تعالى، والإيمان به لَا [يجبان*] إلا بالسمع، انتهى، أما ما يرجع إلى ذات الله تعالى وصفاته فمستفاد من العقل، وما يرجع إلى المعاد والدار الآخرة [فمستفاد*] من السمع.
قوله تعالى: (وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ).


الصفحة التالية
Icon