الأول: لم عبر عن المنافقين بالاسم، وعن المؤمنين بالفعل؟ وهلا قال: الذين نافقوا كما قال: (لِلَّذِينَ آمَنُوا).
السؤال الثاني: لم أسند الفعل في المنافقين للمذكر والمؤنث؟ وأسنده في المؤمنين للمذكر خاصة؟ وهلا قال (لِلَّذِينَ آمَنُوا) واللاتي آمنَّ؟ والجواب: عن الأول من ثلاثة أوجه:
الأول: مراعاة المشاكلة بقوله فيما تقدم (يَومَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤمِنَاتِ).
الثاني: أنهم طلبوا ذلك ممن اتصف بمطلق الإيمان، فيتناول [أعلى المؤمنين*]، وأدناهم، ولو قال (يَومَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ)، للمؤمنين، لما تناول الأول من اتصف بأعلى مراتب الإيمان، واعترض هذا بأنه يلزم عليه في [الطرف*] الآخر ألا يكون طلب هذا إلا من اتصف [بمطلق الإنفاق*]، [فاحتاج*] إلى طلب ذلك، أو [يطلب*] ذلك، فيستعف به، مع أن الكل لَا ينفعهم ذلك،
الجواب الثالث: أن المؤمنين على مراتب، والمنافقون لَا يستطيعون الوصول إلى أعلاهم لبعدهم عنه، وإنَّمَا يصلون إلى أدناهم لقربهم منهم، فذلك قال: (لِلَّذِينَ آمَنُوا) فعلقه بمطلق الإيمان لكن يبقى فيه إن كان يقول يوم يقول الذين نافقوا، والجواب عن السؤال الثاني: إما بأن المذكور أعلى منزلة، والنساء لسن من جنس من يطلب منهن ذلك، وإما بأنهن محجوبات عنهن، فلا يصلون إليهن.
قوله تعالى: (نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ).
ليس المراد الحقيقة، بل المجاز أي نستضيء بنوركم، لأن الاقتباس من السراج هو أن [ | ] سراجك، وهم ليس عندهم سراج [يوقدونه*]، فإِنما هو [تهكم بهم*]، أو أمر بالرجوع ورائهم حقيقة. |
صيغة افعل هنا إما للإهانة أو للتعجيز، وهو الظاهر، والتنكير في (نُورًا) للتعليل أو تحقيرا لهم، وأنهم في التماسهم له غير صائبين، فإن قلت: عدل عن المطابقة، ولم يقل اقتبسوا نورا، وهو المطابقة لقولهم (نَقْتَبِسْ)، قلت: لأن الاقتباس يقتضي وجود المقتبس منه، وهو ثابت في حق المؤمنين موجود، ولما كان معدوما في جانب المنافقين خاطبهم بقوله (فَالْتَمِسُوا) لأن الالتماس لَا يقتضي الوجود.
قوله تعالى: (نُورًا).