ابن عطية: قيل: هو الحائط الشرقي من بيت المقدس، وهو بعيد انتهى، إنما استبعده لوقوفه مع الأمور العادية، والمحل محل خرق العادة، فلا مانع من أن يمد الله تعالى ذلك النور حتى يعظم في جرمه فيسترهم كلهم.
قوله تعالى: (بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ).
إن قلنا: إنه الحائط الشرقي من بيت المقدس فظاهر، لأن باطنه هو الذي على مسجد الصلاة وعلى العبادة، فناسب أن تكون الرحمة، وإن قلنا: إنه سور خلقه الله تعالى حينئذٍ، فهو كما يقول في سور المدينة، إن باطنه [هو*] الذي على داخل البلد، لأنها هي الجهة المصونة بالسور المحفوظة به، كما أن باطن الحائط هو الذي نحوه [... ]، [وخص*] الرحمة بالباطن، لأنه هو الخفي المستور، ولما كان طرفه أقل من الظاهر قرن الأول بصريح البطن فيه دون الثاني.
قوله تعالى: (مِن قِبَلِهِ).
إشارة إلى أن العذاب بعيد عن السور لكونه للمؤمنين، حتى [لَا يفزعهم*] شيء من ذلك العذاب.
قوله تعالى: ﴿قَالُوا بَلَى... (١٤)﴾
قيل: هذا التصديق إما أن يكون حقا، أو باطلا، لَا جائز أن يكون باطلا، لأن المؤمنين في دار الحق فلا يقرون إلا بالحق، ولا جائز أن يكون حقا؛ لأنهم ما سألوهم عن كونهم الكون الموجب [للنجاة*]، وهو الكون ظاهرا وباطنا، فصدقوهم على ذلك، قيل: التصديق مرتبط بالاستدراك الذي بعده، قيل: انتهى الكلام عندنا، قيل: مرادهم بالتصديق أنهم كانوا معهم في الظاهر فقط، قيل: فلم يصدقوهم إذًا في سؤالهم.
قوله تعالى: (وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ).
لم يقل: أمانيكم تهويلا عليهم وتعظيما لما صدر منهم، حتى [كأنها*] أماني أخر غير أمانيهم، مضافة لأمانيهم، وانظر [لم يقل: وأغررتم بالأماني*]؛ لأنه المطابق لما قبله.
قوله تعالى: (حَتى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ)
إن أريد به الموت فالغاية راجعة للمغرور، والتربص.
قوله تعالى: ﴿فَالْيَوْمَ لَا يُؤْخَذُ... (١٥)﴾
الفاء للتسبيب ويبعد كونها للتعقيب، لأن عدم الأخذ ليس متأخرا عن الغرور؛ بل متقدما، لأنه عدم قبل الحكم، [فعدم*] الأخذ متأخر عن الغرور، قيل: بل تقدم أيضا