النصف أنهم مساوون لهم في نوع من الأجر، لَا في قدره، ويلزمه هذا في الشهداء، فإنا أجمعنا على تماثلهم في الأجر، وأن منازلتهم متفاوتة.
قوله تعالى: (أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ).
ولم يقل: أولئك هم أصحاب، فيدخل في ذلك المبتدعة المختلف في تكفيرهم، ومن كفر بالتأويل، [والصحبة هنا دوام الإقامة وليست من الصحبة في*] اصطلاح المحدثين، لأنهم يشترطون رؤية النبي صلى الله عليه وسلم، ولو مرة واحدة على الخلاف عندهم في ذلك.
قوله تعالى: ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ... (٢٠)﴾
يحتمل أن يراد الأمر بلازم ذلك، وهو الاتعاظ، والإنابة، والتذكر، واللعب يشغل النفس بما يلهي على سبيل الفرح، [والفرح*] واللهو شغل النفس بما يلهي عن أمر يؤلم، الفخر: اللعب من فعل الصبيان، وهو الشغل المتعب لغير فائدة، واللهو من فعل الشباب، وهو لفائدة دنيوية فقط، انتهى، وحاصله أن اللعب هو إتعاب النفس لا لقصد تحصيل أمر ملائم، حاصل الآية أن الأمور المباحة إذا كانت لَا تحصل فائدة أخروية، فهي لعب ولهو؛ فينبغي للإنسان أن ينوي التقوِّي على الطاعة، وحكي عن سيدي الحسن بن علي المنتصر رحمه الله ونفع به، أنه كان يوما في الثانية عند سيدي حسن المريدي نفع الله به، فجلس يشرح التين، فمر به سيدي حسن فسأله عن سبب ذلك، فقال له: قعدت بطالا فأخذت [أشغل*] نفسي بهذا، فقال له: اقصد بفعلك ذلك أنك تشرحه ليأكل منه متعلم، أو مضطر لأكله، فيستعين به على عبادة الله تعالى، فكذلك ينبغي لكل أحد أن لَا يخلي فعله من نية الطاعة، ليخرج فعله المباح عن اللعب واللهو، قال كاتبه [عفا*] الله عنه، وهذه سيرة مولانا السلطان سلطان السلاطين، وسلطان الصالحين أبي فارس عبد العزيز ابن مولانا أمير المؤمنين أبي العباس أحمد في أفعاله كلها سفرا وحضرا، وقد ضمنت هذا المعنى في قصيدة نظمتها له، قلت فيها:
وأفعاله ينوي بها البر كلها... في قصده صار المباح تعبُّدا
فإما رباطا إن أقام بساحل... وإما جهاداً إن توجَّه للْعِدا
وعادته أمتع الله المسلمين ببقائه إذا قدم من سفره قاصدا به جهاد المفسدين في الأرض الإقامة بساحل لقصد الرباط، إن قلت: هذا يوهم تحصيل الحاصل [كقولهم*]: قام القائم، فالجواب: أن ابن التلمساني قال: تعليق الحكم على موصوف