وله أن يجيب: بأن هنا يغني عنه، وهو التصريح بكونه منكرا، أو زورا فهو إغناء عن التعبير عن ذلك بلفظ الخطاب.
قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ... (٣)﴾
عطف هذا بالواو دون الأول، لأن الأول: جواب عن سؤال، لأن خولة سألت عن ذلك، وشكت أمرها إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، الثاني: معطوف عليه وهو كالمبتدأ، لأن الأولى اقتضت تحليل المظاهر، وأن الظهار لَا يوجب تحريمها، فالتحليل سبب في الكفارة فعطف بالواو، والآية حجة لمن يقول: إن الظهار لَا يكون في الأَمَة، لأن الإضافة في قوله تعالى: (مِنْ نِسَائِهِم)، ليست للملك، وإنما هي للتشريف [فيقتضي*] الحرائر دون الإماء، والاستحقاق كذلك، لأن الحر إنما يستحق [النكاح*]، وبدليل قول مالك: إن الحرة تكون فراشا بنفس العقد عليها، بخلاف الأمة فإنها فراش للسيد بعد عقد الزوج عليها حتى يطأها الزوح، فقال ابن العربي: أجمعنا على أن العبد ليس من رجالنا، في قوله تعالى: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ)، فكذلك الأمة لَا تكون من نسائنا، ولذا قال: من النساء لضم الحرائر والإماء.
قوله تعالى: (ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا).
قال ابن رشد في المقدمات: اختلفوا في العود الموجب للكفارة على ستة أقسام أقوال أحدهما:
إذا أراد الوطء واجتمع عليه لزمته الكفارة، وإن مات أو طلقها، قاله مالك في الموطأ.
الثاني: إرادته الوطء وإجماعه عليه مع استدامة العصمة، فمتى انفرد أحدهما لم تجب الكفارة إن اجتمع على الوطء ثم قطع العصمة بطلاق، أو موت سقطت الكفارة، وإن كان قد عمل بعضها سقط سائرها، وكذلك إن استدامة العصمة، ولم يرد الوطء ولا اجتمع عليه لم تجب عليه الكفارة بل لَا تجز به إن فعلها وهو غير عازم على الوطء وغير مجمع عليه، قاله مالك في المدونة، وعليه جماعة أصحابه، قال ابن رشد: وهو أصح الأقاويل، وأجراها على القياس وأبينها لظاهرِ القرآن، لأنه إذا أراد الوطء وجب عليه تقديم الكفارة قبله لقوله تعالى: (مِنْ قَبْلِ أنْ يَتَمَاسَّا)، ما لم تنقطع العصمة ويرجع بنيته عن إرادة الوطء.