صحيح، لأن الفصل أمر ذاتي للماهية، مقدم لها والماهية لَا تتقدم بالعدم، بخلاف الخاصة، فإِنها يصح أن تكون عربية لأنها خارجة عن الماهية لَا تتقدم بها، فحقه إن كان يقول الفصل لَا يكون عدميا، لأن الماهية لَا تتقدم بالعدم، ولا نتعلل بالإثبات والنفي، لأنه في الخاصة يفسر الإثبات بالنفي، وهذا ليس من ذلك القبيل. لأن ذلك في التصورات، وهذا من الرسم لَا من الحد. لأن معرفات الفقه كلها رسوم بالجنس، وخاصة [... ] بحدود.
قوله تعالى: (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ).
العطف بالفاء دليل على أنها للترتيب؛ لأن الكفارة إنما تجب بالعودة، وإذا فعلت قبل العود، وكانت [نفلا*] يسد مسد الفرض، وقال في كفارة القتل (فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ)، فهل يرد المطلق على المقيد أو لَا؟ فيه خلاف في أصول الفقه في المطلق والمقيد إذا اختلفا في السبب واتحدا في الموجب، هل يرد المطلق إلى المقيد أو لَا؟، قالوا: والصحيح أنه لَا يرد إليه، لأن المطلق أعم فيتناول صورة المقيد وغيرها، والأعم لَا إشعار له بالأخص، ومالك اشترط فيها الإيمان، وحجته إما [برد*] المطلق للمقيد، وإما بقاعدة الاحتياط في الخروج من العهدة.
قوله تعالى: (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا).
فائدة إدخال (مِنْ) لتدل على ابتداء أزمنة الصلة، فيكون الأمر بالكفارة على الفور، أي بنفس الفرد تجب الكفارة، ولذلك دخلت الفاء لتفيد أيضا التعقيب، وفي الآية سؤالان:
الأول: لم قيل: (يَتَمَاسَّا)، ولم يقل: يتماسوا كما قال: يظاهرون؟ وجوابه: أن التماس صفة لَا تعقل إلا من اثنين [ماس وممسوس*]، والظهار من فعل الرجال فقط، وفعل الجماعة لَا يدل على [المشاركة*] بين اثنين، وإنما يدل على وقوع ذلك عن كل واحد على حدته، ولأن المظاهر منها يجب عليها أن تمنع زوجها من نفسها حتى يكفِّر، والمماسة من [فعلهما*] معا بخلاف الظهار.
السؤال الثاني: قال ابن رشد في مقدماته في كتاب الطهارة في قوله تعالى: (أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ)، الملامسة لَا تكون إلا عن قصد، والمماسة أعم، تكون عن قصد وغير قصد، فيقال: تماس الحجران، وكفارة الظهارة إنما تجب بالملامسة لَا بالمماسة، فهلا عبر باللفظ الأخص فهو أخص في بيان ما يقع به الوجوب، لأنهم قالوا: إذا مسها ناسيا فلا كفارة عليه، وجوابه من وجهين: