عن أحدهما، فإن قلت: وقع في الحديث النهي عن التناجي مطلقا، بقوله: "لا يتناجى اثنان دون واحد"، وظاهر الآية خصوص النهي [بالتناجي بالإثم*] والعدوان، وجواز التناجي بغير ذلك؟ قلت: معنى الحديث النهي عن التناجي الملزوم للإثم، فإِن قلت: كيف يفهم هذا الترتيب بين المعطوفات على ما فسرته في الآية لأنك جعلت معصية الرسول أخصها، ثم العدوان ثم الإثم، والقاعدة في النهي والنفي البداية [بالأخص*]، والجواب: أن قصد المبالغة في الآية بذكر العدوان والمعصية مدلولا عليها بأمرين: بالمطابقة واللزوم، والشرط ما قلناه راجع للإثم، والتقوى راجعة للعدوان، لأنه إذا اتقى الله لم يعتد.
قوله تعالى: ﴿إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ... (١٠)﴾
قال الإمام: إلا بخلقه وقدرته، (وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ)، راجع لمعصية الرسول؛ لأن اعتقاد الحشر والنشر لَا يستفاد إلا من جهة الرسول، وليس للعقل مدخل فمن صدق الرسول، فقد اتقى، ومن كذبه فقد عصى الله ورسوله.
قوله تعالى: (إِلَّا بِإِذنِ اللَّهِ).
قال الإمام: إلا بخلقه وقدرته، الزمخشري: إلا بمشيئته وإرادته، السكوني: اعتزل هنا، لأنه ينفي الكلام، فالمراد بالإذن، قوله تعالى: (إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ)، قال شيخنا: عندنا أن الحوادث إنما هي متوقفة على العلم والقدرة والإرادة لَا على الكلام، هذا من جهة العقل، وأما