حامل، فقال له علي: كيف تقيم الحد على ما في بطنها وبعد لم يكن شيئا فرجع إليه، وقال: لولا عليٌّ لهلك عمر.
قوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا... (١٦)﴾
قال ابن عرفة: تقدم لنا فيها سؤالان: الأول: (أَحْسَنَ) أفعل من، فيقتضي أن في عمله أحسن، وحسن لَا يتقبل منه إلا الأحسن، مع أن الحسن قد يتقبل؟ قال: والجواب: أن المراد بالحسن هنا [**نفس] الشيء وهو المباح، فهو غير متقبل إذ لَا ثواب فيه، قيل له: ثم حسن وأحسن منه، وأحسن منهما، كقولك: أوصى فلان [لأعلم النَّاس*]، فإنها تعطى لمن هو في الدرجة العليا من العلم لَا لمن هو أعلم من غيره بالإطلاق، وإن كان هناك من هو أعلم منه.
فقال ابن عرفة: فرق بين قولك: اعط هذا لأعلم النَّاس، وقولك: أعط هذا للأعلم من النَّاس، فالأول: يقتضي أن يعطى لأعلاهم درجة في العلم، والثاني: يقتضي أن يعطى لمن هو أعلم من غيره بالإطلاق، و (مِن) في قوله: من النَّاس في موضع الحال دخلت على المفعول بل هي للتبعيض لابتداء الغاية، أي أعطيه للأعلم من غيره؛ حالة كونه من النَّاس.
قيل لابن عرفة: الآية من القسم الأول: وهو مثل قوله: أعط هذا لأعلم النَّاس فيلزم أن لَا يتقبل إلا ما هو أحسن أعمالهم على التوزيع في كل زمن، فإذا عمل في صبح يوم الخميس عملين مباحا ومندوبا قبل المندوب؛ لأنه أحسن العملين، ثم إذا عمل بعد ذلك عملين مباحا وواجبا، قبل: الواجب فيهما، ثم إذا عمل مباحا وغيره قبل المطلوب دون المباح، فالمراد أنه يتقبل من كل مسلم في كل زمن أحسن ما عمل في ذلك الزمان بعينه، وليس المراد أنهم يتقبل عنهم أحسن ما عملوه، وأعمالهم كلها.
السؤال الثاني: أن يتقبل إنما يتعدى بمن قال: (رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا)، وقالت؛ (رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي)؟ وأجيب: بأن (عن) أفادت قبول مطلق العمل الحسن وإن كان فيه نقص ما، لأن (عن) تقتضي المجازاة [ولو عداه*] بمن لما أفادت هذا المعنى.
وأجاب ابن حمدون: أنه عداه بـ في مطابقة لقوله تعالى: (وَنَتَجَاوَزُ عَنْ سَيَئَاتِهِم) لأنه [عداه أيضا بـ[عن*]، وتضمن هذه الآية قوله تعالى: في سورة التوبة (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)، وكذا في الزمر.