هجرة المهاجرين وإيمانهم، وأجاب الزمخشري والفخر بجواب آخر: وهو أن الضمير عائد على المهاجرين باعتبار وصفهم أي من هجرتهم.
قوله تعالى: ﴿الَّذِينَ سَبَقُونَا... (١٠)﴾
فيه دليل من آية السبقية، كما قال الفقهاء في الإمامة: أنه يقدم الأقدم سناً في الإسلام، فإن كان الأكبر أحدث إسلاما قدم الأصغر.
قوله تعالى: (وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا).
لما كان من طبع الإنسان الغل والحسد، وكان أولئك حازوا مزية السبقية، والمهاجرين مظنة أن يحسدوهم في ذلك، فتحرزوا من ذلك بعد الدعاء، والغل: هو تألم النفس على عدم المشاركة فيما اختص به ذو رئاسة وسوية، والغبطة: تألم النفس على ذلك، مع عدم تمني زوال [ذلك*] عن المختص به، والحسد: تألمها على ذلك، مع تمني زوال ذلك [عن*] المختص، والحقد: هو طلب [**الفرصة في المكروهات للمحقود]، فإن قلت: لم خبر هنا بالقلب دون [الصدر*]، وقال تعالى قبل هذا (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً)، فعبر بالصدر؟ فالجواب: أن الآية المتقدمة الثناء فيها عليهم من الله تعالى، فناسب المبالغة فيها لمحو اقتضاء الحاجة عن القلب وعن [وعائه*]، وهذا دعاء منهم فاقتصروا فيه على القلوب، لأنها هي بمحل الغل، فإذا انتفى منها انتفى عما سواها.
قوله تعالى: (رَءُوفٌ رَحِيمٌ).
هاتان الصفتان منهما ترتبا في الذكر، كانت الرأفة راجعة لصفة الإرادة، والرحمة لصفة الفعل، فالرأفة سبب في الرحمة، وإن ذكرت الرحمة وحدها صح تأويلها، إما برجوعها للإرادة أو للفعل.
قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا... (١١)﴾
الاستفهام هنا للتقرير، دليل على وقوع ذلك، فلا يصح كون الرؤية علمية، لأنه لم يكن عالما بأعيان المنافقين إلا أن يقال: إنه علم بهم من حيث الجملة، وإلا ظهر أن الرؤية بصرية لتعديها بإلى، أي ألم تنظر إلى الذين نافقوا، وعبر عن نفاقهم بالفعل الماضي؛ لبعد تحقيق ذلك، فإن قلت: [هلا*] عبر بالاسم المقتضي [للثبوت والدوام، لأن الماضي منقطع*]؟ فالجواب: أن الماضي أفاد التحقيق وقوله تعالى: (يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِم)، أفادوا الدوام على ذلك في الحال والاستقبال، فأغنى عن التعبير بالاسم.
قوله تعالى: (لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ).


الصفحة التالية
Icon