يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ
قوله تعالى: (وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ).
الزمخشري: تنكيرها [للتعظيم، أي تعليل الموصوف بذلك*] (١)، انتهى، يرد بأن [التعظيم*] إنما [يصح لو كانت في الخبر*]، وهو هنا بسياق الاسم التكليفي، فالمراد التكثير لعموم التكليف، [وإما لجواز*] أن النفس هنا أفردت، والمراد بها العموم؛ كما في قوله صلى الله عليه وسلم: "صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة في غيره".
قوله تعالى: ﴿وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ... (١٩)﴾
المشبه بالشيء لَا يقوى قوة المشبه به، فهي هنا من [التشبيه*] بمن نسي الله، فيفيد النهي عن نسيان الله من باب أحرى، فهو من النهي عن القرب حول الحمى خشية الوقوع فيه، ومعنى (نَسُوا اللَّهَ)، أي غفلوا عن ذكره، والنسيان الثاني إما أن يراد به العقوبة، أي على الأول أي فعاقبهم على ذلك، فيكون من مجاز تسمية المسبب باسم السبب، أو يراد به النسيان حقيقة فزادهم [نسيانا*] إلى نسيانهم، فيكون من العقوبة على الذنب بالذنب، وهو أشد من الأول، لأنه يستلزم عقوبتين: العقوبة على الذنب بذنب آخر يعاقب عليه عقوبة أخرى، ابن عطية: قال علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه؛ اعرف نفسك تعرف ربك، ومن لم يعرف نفسه لم يعرف ربه انتهى، يعيدك إلى علم المنطق كان مذكورا في طباعهم، لأن مقتضى الآية أن من نسي الله نسي نفسه، فتنعكس جزئية بعض من نسي نفسه نسي الله، قالوا: وقد تنعكس كنفسها في بعض المراد، رد هذه الآية، وعكسها المستوى أي من نسي نفسه نسي الله، فهو منه كل من عرف نفسه عرف الله، والعكس نقيضها كل من لم ينس نفسه لم ينس الله فمن لم يعرف ربه مستفاد من منطوق كل من نسي الله نسي نفسه، ومن عرف نفسه عرف ربه مستفاد من مفهوم ذلك، وقال (بِمَا تَعْمَلُونَ)، ولم يقل: بما علمه، لأن العلم الحادث يتعلق بالحال والماضي، ولا يتعلق بالمستقبل، فإذا أفاد أنه عليم بالمستقبل، فأحرى الحال والماضي.
قوله تعالى: ﴿لَا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ... (٢٠)﴾
هذا تكميل للوعظ المتقدم أو لف ونشر، فأصحاب النار راجع للذين نسوا الله، وأصحاب الجنة للمأمورين بالتقوى، فإن قلت: نفي التسوية لَا يقتضي نفي الشركة، فلا يلزم عنه نفي اشتراكهم في الثواب والعقاب، قلت: الشركة في العبودية وفي التكليف لَا في الثواب والعقاب، فإِن قلت: إنما المراد الشركة فيما ثبت فيه للمساواة، قلت: السياق ينفيه [وأخذ*] الشافعي رضي الله عنه من هذه الآية أن المسلم لَا يقتل بالكافر، الفخر: بأنه عام، والأعم لَا إشعار له بالأخص، وأجاب عنه الأرموي: بأن
"فإن قلت: ما معنى تنكير النفس والغد؟ قلت: أما تنكير النفس فاستقلالا للأنفس النواظر فيما قمن للآخرة، كأنه قال فلتنظر نفس واحدة في ذلك.
وأما تنكير الغد فلتعظيمه وإبهام أمره، كأنه قيل: لغد لا يعرف كنهه لعظمه". اهـ.