فصل هنا بالضمير ولم يفصل به بين (عَالِمُ الْغَيبِ)، وما قبله ولا بين (الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)، للتباين بين مجموع الصفتين إذا القرينتين الأولتين معنوية، وهاتين يرجعان لصفات الأفعال.
قوله تعالى: ﴿هُوَ اللَّهُ... (٢٣)﴾
تأكيد وفيه ضرب من التأنيث، لأنه لما وصفه ب (الرَّحْمَن الرَّحِيمُ)، وهما صفتان يتوهم فيهما الشركة، قال تعالى (رُحَمَاءُ بَينَهُم)، وفي الحديث: "الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ اللَّهُ، [ارْحَمُوا*] أَهْلَ الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أَهْلُ السَّمَاءِ"، أتى بهذا ليفيد أن الرحمة بين العباد كلها مخلوقة لله تعالى، وهو الفاعل المختار لَا شريك له.
قوله تعالى: (الْقُدُوسُ).
الزمخشري: هو البليغ في النزاهة عما يستقبح و (السَّلامُ) مبالغة في وصف كونه [سليما*] من النقائص، انتهى.
قوله تعالى: (السَّلامُ).
راجع إلى سلامة ذاته الكريمة من النقائص، (الْقُدُوسُ)، راجع إلى تنزيهه الخارج له عن النقائص، أو إلى تنزيهه نفسه كما يقال: حمد نفسه بنفسه، قال شيخنا: وعندي نظر فيما يتجاوز النَّاس فيه من [التعظيم*] لبعضهم، فيقولون: المقدس المرحوم، فإنه راجع إلى كمال التنزيه الذي لَا يليق إلا بالله، قيل له: قد ورد روح القدس، وقال تعالى (إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى)، وفي الحديث في وفاة موسى عليه السلام أنه قال: يدنيه إلى الأرض المقدسة رمية حجر، وما معناه إلا كمال الطهارة.
قوله تعالى: (الْجَبَّارُ).
الزمخشري: القاهر الذي جبر خلقه على ما [أراد*]، وهذا ترقيق على مذهبه كأنه يقول: إن العبد مستقل بفعله فتجيء هنا أن أفعاله الاختيارية من خلقه وقدرته، وأفعاله الجبرية خلق الله تعالى، كما يتصور دخول الإنسان بيتا اختياريا، ودخوله بيتا مكرها.
قوله تعالى: (الْمُتَكَبِّرُ).
أي البليغ الكبرياء والعظمة، فهما تصور في حقه صفة علية، فيعتقد أنه متصف بأكبر منها، وأعلى فهم إذا تصورت ما هو أعلى منها، تعتقد أنه متصف بأكبر من ذلك