الملائكة: (نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ)، أي نطهر أنفسنا لك، والقدس: السطل الكبير، لأنه يتطهر به، ابن العربي: فظنه أولا وهو بمعنى المطهر لَا الطاهر، لأنه بمعنى من فعل متعد، والطاهر من فعل غير متعد، فهو مقدس نفسه أزلا [وأبدا*]، قيل: معناه البريء من المعائب، فيكون صفة نفي، وهو الذي له الكمال في وصف اختص به، وقيل: هو الذي لَا تحدده الأوهام ولا تصوره الأبصار، الغزالي: هو المنزه عن كل وصف يدركه حس، أو يصوره خيال أو يظنه الخلق كمالا، لأنهم نظروا إلى علمهم وقدرتهم وسمعهم وصفات كمالهم، فوصفوه بها وقدموه عن ضدها، مع أنه منزه عن صفات كمالهم، إذ هو أعلى من ذلك وأكمل، قال قلت: أقول أنه منزه عن العيوب والنقائص، إذ لَا يحسن أن يقال: ملك البلد ليس بحائك ولا حجام، فإن نفي الوجود يكاد يوهم الوجود، ابن العربي: مرتبة هذا القائل عظيمة ووهمه أعظم، بل نقدس الله عن كل عيب ونقص نسبه الكفار إليه، وقد نفى الله عن نفسه الشريك والولد والصاحبة، وكان ذلك غاية في التوحيد، وإنما ذاته دقيقة إنا لا ندري نحن بنفي وصفه عنه من الباطل، لم يقل به قائل ولا نسبه إليه مبطل انتهى، قلت: وفي البخاري في حديث الدجال وإن الله ليس بأعور، وأما كلام فقال ابن العربي: اتفقوا على أن معناه بالنسبة إلى ذو السلام، كامرأة فاسق وامرأة ضامر، واختلفوا في توجيهها، فقيل: السلام من العيب في ذاته، والنقص في صفاته، والظلم في أفعاله فهو بمعنى القدوس، وفرق ابن الخطيب بينهما باحتمال كون القدوس إشارة إلى تنزيهه من العيوب في المستقبل، وإلى تنزيهه عن صفات النفس، والسلام لتنزيهه عن أفعال النقص، وقيل: [ذو السلام*]، أي المسلم على عباده، قال تعالى (سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ)، فهو صفة معنى كالعلم والقدرة، وهي صفات كمال، وقيل: سلم الخلق من ظلمه، الآمدي: أي أن السلامة به ومنه [فهو صفة فعل*]، وأما (المؤمن) قال الآمدي في إبكار الأفكار: قيل: الصدق لنفسه ورسله، إما بالقول فهو صفة كلامية، أو بخلق المعجزة فهو صفة فعلية، وقيل: معناه أنه يؤمن عباده من الفزع الأكبر، إما بأن يخلق لهم الطمأنينة من ذلك، فيرجع إلى صفة الفعل، وإما أن يخبرهم بالأمن من ذلك، ويرجع إلى صفة الكلام، وقيل: بمعناه أن الحقائق منكشفة له فيرجع إلى صفة العلم، وقيل: معناه أن القول قوله لَا خلاف عليه، فيرجع إلى صفة كلامية وسلبية، وقيل: معناه استحالة الزوال عليه فهو صفة سلبية، قال الغزالي: وإزالة الخوف لَا تعقل إلا إذا حصل الخوف، ولا خوف إلا عند إمكان العدم ولا مزيل [للعدم*] إلا الله تعالى، بيانه إنما يخاف [الأعمى] الهلاك من حيث إنه لم ير بعينيه ما يؤمنه من ذلك، [والأقطع*] يخاف [آفَةً لَا تنْدَفع*] إِلَّا بِالْيَدِ [فخالق*] الأعضاء