وبسطهم ألسنتهم بالسوء، والشيء في نفسه ليس كموقع غيره، فإن قلت: قد تقرر في علم المنطق أن الشرطية المتصلة تتحد بعد تاليها بالسؤال، [فإن قلت*]: ذلك باعتبار [**الأمثل]، وأما هنا فالمعتبر المجموع الثاني أن المتأخر استصحاب عداوتهم أو شدتها وبسط الأيدي في بعض النَّاس أشد من بسط الألسن، وفي بعضهم على العكس.
قوله تعالى: (وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ).
إن كان استئنافا [فظاهر*]، وإن كان معطوفا، فكيف جاء ماضيا والأول مستقبل؟ والجواب: أنه ماضٍ لفظا ومعنى، وقد ذكره، لكن إنما يصح حيث يكون فعل الشرط لفظا ومعنى، وأجاب الزمخشري: بأن تلك المودة ثابتة قبل.
قوله تعالى: ﴿أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ... (٣)﴾
إن قلت: لم قدم الأرحام وهي أعم، وقد تقرر أن نفي الأعم أحسن من نفي الأخص، فهلا اكتفى بذكر الأرحام عن ذكر الأولاد؛ لأن نفي الأعم يستلزم نفي الأخص؟ فالجواب: أنه ذكر الأولاد خشية احتمال صورة التخصيص، لأنه قد يخصص ذلك العام بالأولاد، فإِن قلت: هلا ذكرت الأولاد قبل الأرحام؟ فيكون العطف تأسيسا، وأما هنا فنفي الأعم [أخص*] من نفي الأخص، قلت: قد تقرر في [علم*] المنطق في [العُكُوسات أن هذا] من باب استلزام الأعم [أمرا*] لعدم استلزام الأخص له، ورد الحديث: " ["إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ*] "، فإن كان (لن [تنفعكم) *] جواب (لو)، فظاهر لأنهم إذا كفروا لَا ينفعهم شيء من ذلك، وإن كان استئنافا؛ فيكون المراد نفي المنفعة عن الرحم، بما هو رحم، وعن الولد بما هو ولد، ومنفعة الولد الصالح لَا لمجرد كونه ولدا، بل بوصف الإيمان الخاص.
قوله تعالى: (يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ).
قال أبو حيان: لَا يصح أن يكون الظرف مقاما لأنه منصوب، ونقل في سورة الأنعام في قوله تعالى: (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ)، عن الأخفش: أنه أجاز إقامته، وعلى أنه مقام هنا يرفع لإضافته إلى المبنى، ونقل السهيلي صحة إقامته، وإن كان غيره منصرف.
قوله تعالى: ﴿فِي إِبْرَاهِيمَ... (٤)﴾
خصه بالذكر إما لأنه أول ما ابتدأ هذه المقالة، وإما لأن جميع الملل آمنوا ووافقوا عليه، ابن عطية: اختلفوا في الذين معه، فقيل: أراد من آمن به من النَّاس، وقال