التوبة من [**الفروع]، قلت: التوبة مذكورة في علم أصول الدين، وليس لها في كتب الفقهاء ذكر، وإن تكلموا في متعلقها بأن التوبة أمر اعتقادي قلبي.
قوله تعالى: ﴿لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً... (٥)﴾
فسره ابن عطية: بمتعلقين إما بأن [تغلبهم علينا*]، [فتكون لهم فتنة وسبب ضلالة*]، لأنهم يتمسكون بكفرهم، ويقولون: إنما غلبناهم لأنا على الحق وهم على الباطل، أو [لا تسلطهم*] علينا فيفتنوننا فكأنه قال: لَا تجعلنا مفتونين، انتهى، على الأول: يكون الدعاء راجع للكفار بالذات ولنا باللزوم، وعلى الثاني: هو دعاء لنا بالذات، ويتناول الكفار باللزوم.
قوله تعالى: (وَاغْفِرْ لَنَا).
الأول: دعاء بأمر راجع للدارين، والثاني: خاص بالآخرة، وعقبه بـ (الْعَزِيزُ)، لأنه مناسب لذكر الفتنة.
قوله تعالى: ﴿لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ... (٦)﴾
بدل اشتمال من (لكم)، وإلا لزم أن يكون [بدل*] كل من بعض، لأن الذين يرجون الله واليوم الآخر أعم من ضمير (لكم).
قوله تعالى: (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ).
وفي سورة الحديد (فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)، وقرئ بإسقاط (هو)، فإِن قلت: الصيغ متواترة، وقد ورد النهي عن الاختلاف في القرآن بالزيادة والنقص؟ قلت: إنما ذلك حيث لم يرد ذلك اللفظ في مثل ذلك في غير الحديد سقطا وفي مثله من غيرها زائد، فليس من ذلك المعنى، وانظر ما تقدم في سورة الحديد.
قوله تعالى: ﴿عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ... (٧)﴾
الحكم على موصوف لصفة على ثلاثة أقسام: فتارة يجب في ذلك الحكم مراعاة تلك الصفة، وتارة يستحب، وتارة يحرم، والآية من القسم الآخر، لأن جعل المودة بين المؤمنين والكافرين لأجل عداوتهم حرام، إنما المودة لأجل القرابة وكونها لأجل العداوة لَا تصدر إلا من منافق.
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي... (٩)﴾
قال عياض في المدارك لما عرف بإسماعيل القاضي، قال: حكى الدارقطني عنه أنه دخل عنده عبدون بن صاعد الوزير، وكان نصرانيا، فقام له ورحب به فرأى إنكار


الصفحة التالية
Icon