الشهود لذلك، قال: قد علمت إنكاركم، وقال تعالى (لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ) الآية، وهذا يقضي حوائج المسلمين، وهو سفير بيننا وبين المعتضد، وهذا من البر، فسكت المعتضد عن ذلك.
قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يُحِب الْمُقْسِطِينَ).
إن قلت: هلا قال: إن الله يحب البارين، فيكون راجعا للمعطوف عليه، وهو الأصل؟ فالجواب: أن تعليق الحكم على الأعم أبلغ، لأن المقسط أعم من البار، فإِن ثبت أنه محبوب فأحرى البار.
قوله تعالى: (إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ).
يدل على نفي مفهوم المخالفة، لأن هذا مفهوم ما قبله.
قوله تعالى: (وَأَخْرَجُوكُم مِنْ).
عطف الصفات والواو بمعنى أو، لأنه إذا جعل من عطف الموضوعات، والواو على بابها يلزم عليه حذف الموصول والفاصلة، وهو غير جائز، واختلف الأصوليون في [لا تفعل*]، هل هي للتحريم أو للكراهة، وكذلك ذكر الفقهاء في لفظها، والآية حجة لمن يقول إن ذلك لَا يدل على التحريم، ولولا ذلك لما كان لقوله (فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)، فائدة، والمراد بالظلم هنا الشرك، لأن موالاتهم للكفار من حيث اتفاقهم بقتالهم إياهم في الدين، دليل على ردتهم وشركهم، ويحتمل أن تكون الموالاة لَا من هذه الحقيقة، ويكون المراد بالظلم المعاصي والمخالفة في الفروع لَا في الاعتقاد، لاقتضاء الآية الحصر لاسم الإشارة والمضمر وتعريف الخبر، فالمراد أن ليس بظالم، فإِذا [حملناه*] على المعاصي بالإطلاق صدق اختصاصهم بالظلم، وإذا [حملناه*] على الشرك لم يصح الحصر والعطف ترق، لأن المقاتلة أشد من الإخراج من الدار، وعطف الأشد على الأخف في باب النهي والنفي ترق، لأن نفي الأخص لَا يستلزم نفي الأعم.
قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ... (١٠)﴾
أي النساء المدعيات الإيمان فهن مؤمنات باعتبار الدعوى، فاختبروا صحة دعواهم بإحلافهم على ذلك.
قوله (مُهَاجِرَاتٍ)، حال، فإن قلت: الإيمان شرط في الهجرة، فيلزم مقارنة الشرط للمشروط، لأن الحال مقارنة لصاحبها، قلت: هي حال مقدرة.


الصفحة التالية
Icon