إن كانت سريرتك مثل علانيتك فأنت مؤمن عند الله، ووقع بينهم بهذا مهاجر وتقاطع، فقلنا لابن التبان: كيف تقطع على غيبه فقال: فإِن كانت سريرته مثل علانيته كان كذلك يقال هو مؤمن من في حكم الله في مثل قوله (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ)، فقال لي أبو محمد: ليس هذا أراد [فقلت*] كذلك، يقول: [ولما*] عرف بأبي الحسن علي بن محمد الدباغ، قال: سئل عنها، فقال: إذا وقفنا بين يدي الله تعالى لم نسأل [هل*] نحن مؤمنون عنده ولا عندكم؛ فأعيد عليه [الكلام*]، هل تقطع كغيرك بالإيمان عند الله، فقال: لَا إلا أني أقول له: إن كان ظاهرك وباطنك واحد، وكان ينهي عن الكلام فيها، ويقول: ما لنا ولشيء إذا أصبنا فيه لم نؤجر، وإن أخطأنا أثمنا، ويقول لأبي حسن الزيات: ذهبنا إلى العراق وأتينا بهذه البدعة، وهو الذي جاء بها وألقاها بالقيروان، قوله (يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ)، أتى به مستقبلا مع أن الحكم ماض، باعتبار ظهور متعلقين.
قوله (وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ... (١١).. ، فإِن قلت: هذا تكرار؛ لأنه مستفاد من الأول؟ فالجواب: أن هذا أمر للمؤمنين بأن يدفعوا لبعضهم مهر زوجته الذاهبة، والأول أمر للمؤمنين بأن يدفعوا للكافرين مهر زوجته الذاهبة عنه، أو أمر للكفار أن يدفعوا للمؤمنين مهر زوجته الذاهبة، أي [وآتوا*] (الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ).
قوله (الَّذِينَ آمَنُوا)، أنتم مصدقون [بوعدكم*] ووعيدهم، والذي عليه المفسرون [في*] الآية، أنه يدفع من الغنيمة للزوجة الذاهبة، [وزوجته المشركة*] مثل ما أنفق، وهذا التفسير إن كان إجماعا أو تفسيرا من النبي صلى الله عليه وسلم، فلا كلام وإلا فظاهرها أن المراد أن الذي فاتته زوجته إلى الكفار [فعاقبتموهم*]، أي أخذتم نساءهم فأعطوهم ما أنفقوا، ولا تكونوا [... ] (وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا)، فإِن ذلك قام للمعاقب وغيره، وبالجملة، فأحكام الآية منسوخة.
قوله (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ... (١٢).. ، اختلف المحدثون إذا ورد في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل يصح للراوي أن يبدله؟ قال: الشيء أو العكس، على ثلاثة أقوال: الجواز، والمنع، وجواز تبديل النبي بالرسول دون العكس، فإن قلت: هلا قيل: يا أيها الرسول [فهو*] أخص، وكل ما ثبت للأخص لا ينعكس، قلت: تعليق الحكم على الأعم أعم من تعليقه على الأخص، لأنه ينتج الحكم للأخص من باب أحرى، فإذا بايعوه على الإيمان وفروعه مع استحضار كونه نبيا، فأحرى أن يبايعوه عليه مع استحضارهم كونه رسولا من الله؛ خلاف العكس،