سماه به، وأما محمد فأخبر الله تعالى عنه أنه سيولد ولد يسميه أبواه محمد، فهو مؤخر. وذكر عياض في الشفاء قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "أنا محمد وأحمد وأنا الماحي وأنا الحاشر"، قال المازري: في التعليق الذي له على الجوزق: وإن اسمه في التوراة بحرف القاف والكاف، وتفسيره بالعبرانية محمد معلوم في التوراة، ابن عطية: والاسم هنا غير المسمى، [وليست على حد قولك جاءنا أحمد لأنك هاهنا أوقعت الاسم على مسماه، وفي الآية إنما أراد: اسمه هذه الكلمة*]؛ كما يفرق بين جاءني زيد، وبين هذا اسمه زيد.
قوله تعالى: (هَذَا سِحْرٌ).
الإشارة لما جاءهم به صلى الله عليه وآله في ذاته، أي هذا ساحر كقولك رجل عدل، ويؤيده من قرأها ذا ساحر مبين، أي لَا يحتاج إلى إقامة الدليل على كونه ساحر، وقال عياض في الشفاء في الباب الثالث من القسم الأول من فضل أسمائه، وما تضمنه في فضيلته صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ومن أسمائه في الكتب المتوكل والمختار ومقيم السنة، والمقدس، وروح الحق، وهو معنى الفارقليط في الإنجيل، وقال ثعلب: الفارقليط يفرق بين الحق والباطل.
قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى... (٧)﴾
مذهب الأكثرية القائلين بعموم إطلاق الكذب على العمد والسهو، [ظاهر*] لأن الكذب المفترى هو العمد وغير المفترى هو السهو، وأما على مذهب الجاحظ القائل بأن لفظ الكذب الخاص بالعمد، فيكون افترى الكذب هو المشاهدة في وجه المكذوب عليه، أو الكذب في الأمر الواضح الجلي المعلوم بطلانه بالضرورة، ومعنى الآية ليس في النَّاس أظلم ممن كذب على الله، لأن الكاذب على الله هو أظلم النَّاس [ولا*] يعارض قوله تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا)، فالجمع بين الآيتين ينتج تساويهما في الظلم، فالنفي بإرادة الاستفهام راجع لكونه لَا أظلم منه لَا أنه أظلم النَّاس؛ بخلاف قوله تعالى: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا)، لأنه ليس المراد هنا أنه لَا أصدق منه، لئلا يلزم عليه احتمال كون غيره مساويا له في الصدق، بل المراد أنه أصدق من غيره حديثا، فليس في الوجود من يساويه في الصدق، بل الكل دونه، ويمكن الجمع أيضا بأن تلك يختص التفاوت فيها والشدة باعتبار نوعها، مثاله في هذه، الكذب في نوعه ظلم، وأشده الكذب على الله والرسول، وكذلك غيرها من الآيات التفاوت فيها نوع كل ما تضمنه.