لأنه أخفاها مبالغة في الإخبار بعلمه بالإخفاء، وهو خاص بالله تعالى لَا يشاركه غيره، أو يكون من عطف الخاص على العام.
قوله تعالى: ﴿أَبَشَرٌ... (٦)﴾
إن كان استفهاما حقيقة فعطف (كفروا) عليه تأسيس، وإن كان بمعنى الإنكار فهو تأكيد؛ لإفادة الأول كفرهم، وعلى الأول يكون التولي حسيا، أي تولوا عن إتباعه ونصرته، وعلى الثاني: يكون معنويا، أي تولوا عن الإيمان به إلى الكفر.
قوله تعالى: (وَاسْتَغْنَى اللَّهُ).
ابن عطية: السين في استفعل للطلب، وهو هنا للتحقيق، انتهى، وعلى هذا يكون (وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ)، احتراسا خشية أن يتوهم أن السين هنا للطلب، وقول الزمخشري: الآية توهم وجود الاستغناء والتولي معا لَا وجه له، لقوله في مفصله مع سيبويه إن الواو لمطلق الجمع دون معية ولا ترتيب، إلا أن ابن مالك قال: ويترجح تأخير المؤخر بكثرة الاستعمال، فسؤال الزمخشري إنما هو على الأكثر.
قوله تعالى: ﴿يَسِيرٌ (٧)﴾
إما باعتبار قرب زمنه، أو أنه هين كما قال ابن عطية.
قوله تعالى: [(فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ... (٨) *]
إن قلت: الأصل تقديم [القرآن*]؛ لأنه السبب فيما قبله، فالجواب: أن المعجزة ما تظهر إلا على [يد*] الرسول، [فوجود*] الرسول متقدم على وجود المعجزة، إلا أن يقال: فرق بين دعوى الرسالة وبين الإيمان بها، فدعوى الرسالة متقدم على المعجزة وما نحن نتكلم إلا في الإيمان بالرسول، فإِنه متأخر عن الإيمان بالمعجزة، فيجاب عن السؤال: أن الآية خرجت مخرج الرد عليهم في إنكار البعث والمعاد، فالقرآن إنما ذكر من حيث دلالته على صحة البعث والمعاد والإيمان بالبعث، والمعاد متأخر عن الإيمان بالرسول.
قوله (يَوْمُ التَّغَابُنِ... (٩).. ، جعله الزمخشري: [تهكمًا*] لأن الغبن في البيع، هو البخس في ثمن السلعة، فكأنَّ هؤلاء يبخسوا بمالهم تهكما بهم على أن الحاكم عادل فلا [يبخس*]، وجعله ابن عطية مجازا في [إفادة*] لفظ التغابن، لأن التفاعل يقتضي أن الغبن في الجهتين، ويصح معنى التغابن باعتبار تفاوت درجات المؤمنين، أو على [**العجز به] بمعنى أن الإنسان مع نفسه [**يتجرد بها] [نفسا أخرى*] يتغابن معها.