والتخصيص، فالتخصيص أولى، والمشهور أنها إذا وضعت ولدا وبقي في بطنها آخر أن عدتها لَا تنقضي إلا [بوضع*] الولد الثاني انتهى، وعبر في الحوامل بالأجل دون العدة، فلم يقل: وأولات الأحمال عدتهن أن يضعن حملهن، وعبر في غير الحوامل بالعدة مع أن الجميع عدة.
قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا).
التقوى الأولى: في الأمر الدنيوي، والثانية: في الأخروي، أو هو إشارة إلى حالتي [المعتدة*] من الحوامل، فمنهن من اتقت الله تعالى فليس عليها مشقة في الولادة فلها الأجر العظيم، أي يتق الله فجزاؤه أحد أمرين: إما دنيوي بتسهيل الولادة وتيسيرها، وإما أخروي بتكفير السيئات وكثرة الأجر إذا عسرت عليها الولادة.
قوله تعالى: ﴿أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ... (٦)﴾
إن قلت: ما أفاد هذا مع قوله تعالى: (لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ)، قلت: فائدته إدخال صورة، وهي من يسكن بزوجته في دار بالكراء، ثم يطلقها في آخر مدة الكراء، فهذه الصورة غير داخلة في الآية الأولى، لأن ذلك المسكن ليس من بيوتهن، وهذه الآية تتناول الصورة المذكورة.
قوله تعالى: (مِنْ وُجْدِكُمْ).
أعربه الزمخشري: عطف بيان، واعترضه أبو حيان بتكرار العامل، ونص عليه ابن السيد في إصلاح الخلل، ويعترض أيضا بأنه يجب في عطف البيان عطف توافقهما في المعرفة والتنكير، فعلى هذا جرى قوله (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ)، عطف بيان، ورده ابن مالك بأنه خلاف إجماع الفريقين، وهنا الجملة التي أضيفت إليها حيث نكرة بدليل وصف النكرة بها، تقول: جاء رجل يضحك انتهى، ولا يحتاج إلى هذا بل يتعلق ب (سَكَنْتُمْ)، فيكون إشارة إلى أنه لَا يجب استواء المعتدة والزوج في السكنى في كل حالة من حالات السكنى، بل في حال الوجد، فإن كان مثلا يسكن في بيت بالكراء بدينار، فانقضت المدة قبل تمام العدة، ولم يجد إلا بأقل من دينار، فإِنه لَا يكلف أزيد منه.
قوله (تُضَارُّوهُنَّ)، هذا [مفاعلة ينهي فيها عن مضارة من ضره*]، فأحرى [عدم*] مضارة من لم يضره، وهل المضارة سبب في التضييق في المضارة، فيه نظر.
قوله تعالى: (فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى).


الصفحة التالية
Icon