قوله تعالى: (وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
إن قلت: المناسب إنك غفور رحيم؟ قلت: هو مرتب على [محذوف*] وهو قوله تعالى: (يَسْعَى نُورُهُم)، إلى آخره. في الآية معنى القلب أي يسعون بنورهم، فإِن سعي النور [إنما هو بقتال*] الكفار بالسيف والمنافقين بالاحتجاج. انتهى، فجيء فيه استعمال اللفظ الواحد يتبع انتقالهم إذ هو صفة لهم.
قوله تعالى: [(جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ... (٩) *]
الزمخشري: [جاهد*] الكفار بالسيف، والمنافقين بالاحتجاج انتهى، [جيء*] فيه استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه، [... ] بأن يكون من باب علفتها تبنا وماء باردا، أي جاهد الكفار وعارض المنافقين بالاحتجاج، وهو من عطف الخاص على العام، والجهاد أربعة أنواع: أحدها: قتال الكفار، والثاني: حضور معركة القتال للقتال، وإن لم يقاتل كما فعل كثير من أكابر الصحابة، والثالث: الدخول لأرض العدو للمقاتلة، كما قال مالك: فيمن دخل أرض العدو للإغارة عليهم، [وإضعافهم*] أنه مجاهد، فهذا كله جهاد، [**وغائر تلك بينه وبين الرباط بأرض الإسلام لحراسة الإسلام من العدو]، الرابع: الخروج برسم الجهاد، فقد قال مالك: فيمن خرجوا للجهاد [فتفرقوا*] فحضر بعضهم الغنيمة إن الجميع يشتركون فيها، وكذلك قال في السفن [إذا غمرتهم الريح*]، أن الغائبين عن الغنيمة يشاركون من [حضر*] فيها، فإن قلت: أعيان المنافقين من أين نعلمهم، فإن كانوا معلومين عنده، فليسوا بمنافقين، لأن المنافق هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر، وإن لم يكونوا معلومين عنده فيلزمه تكليف ما لَا يطاق؟ فالجواب: إنما ذلك في التكليف التأثيري، كما لو أمر بقتالهم، فيقول: لَا يقاتلهم خشية أن [يقع*] في المؤمنين منهم [وهن*]، إنما أمر بإقامة الحجة [فيلقيها*] على الجميع يسمعها المنافق وغيره، لعلها تنفع المنافقين من باب ما لَا يتوصل إلى الواجب إلا به فهو واجب.
قوله تعالى: (وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ).
إن قلت: ما فائدة التغليظ عليهم، مع [عدم*] الامتثال؟ قلت: هو قطع لحجتهم وتعذرهم.
قوله تعالى: (وَبِئْسَ الْمَصِيرُ).