نقيضان مهما عدم أحدهما وجد الآخر، فالحمل قبل نفخ الروح فيه ميت، لأنه ليس بحي انتهى، إن قلت: وكذلك الجمادات كلها؟ قلت: لَا يقال ميت إلا فيما [هو قابل*] للحياة إلا أن يكون مثل [قولك*]: الحائط لَا يبصر، ويكون من السلب [والإيجاب*] لَا من باب العدم والملكة بخلاف قولك: زيد لَا يبصر، وقال الفخر: هنا في بعض النسخ ما حاصله، أن الحياة أمر عدمي وهو إعدام الموت، والموت أمر وجودي انتهى، وهو هوس باطل، لأن الله تعالى موصوف بالحياة لَا بالموت بإجماع [... ]. ، أنها وجودية لاستحالة اتصافه بالعدم، ومن بدع التفاسير، قول القرطبي: إن الموت هنا فرس، والحياة رجل راكب عليه، ولقد أجاد الزمخشري في قوله تعالى: (خَلَقَ) موتكم وحياتكم، وفي الآية من أنواع البيان المطابقة، قال ابن مالك في المصباح: المطابقة أن يجمع في كلام بين متضادين، وهي على ثلاثة أضرب:
الأول: ما لفظاه [حقيقيان*]، وهي مطابقة بين محسوسين مثاله في الإيجاب، قوله تعالى: (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ)، وقول الشاعر:
[أما والَّذِي أبكَى وأضحكَ والَّذِي | أماتَ وأحيَا والَّذِي أمْرُه الأَمْرُ*] |
وفي السلب قوله تعالى: [(وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (٦) يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) *].
الثاني: ما لفظه مجاز كقوله تعالى: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ)، أي ضالا فهديناه ومثله:
حلوُ الشمائِل وهوَ مرٌّ باسلٌ | يحمِي الذمارَ صبيحةَ الإرهاقِ |
الثالث: ما [أحد*] لفظيه حقيقة، والآخر مجاز؛ كقول أبي تمام:
له منظرٌ في العينِ أبيضُ ناصعٌ | ولكنّه في القلبِ أسودُ أسفَعُ |
والطباق في الآية بين معنيين، وذكر هذين الطرفين لأنهما أصلا كل شيء، فيدل على اتصافه بخلق ما [وكذلك*] من الألوان والطعوم والروائح من باب آخر، أو اللام في [(لِيَبْلُوَكُمْ) *] للتعليل، وهو على مذهب المعتزلة، واجب ظاهر، وأما على مذهبنا أفعال الله غير معللة، والمتكلم تارة يذكر [الفعل معللا*] بأمر واجب لَا بد منه، وتارة يذكره بأمر جائز فتقول لمن [حصره*] الأسد [ولا نجاة له منه إلا بسُلَّمٍ يصعد به على السطح، اصعد السلم لتنجو من الأسد*]، وتقول لولدك: افعل لي كذا لأعطيك درهما، وأنت قادر