على مخالفتهما، قال: وعادتهم يجيبون: بأن فائدة التبشير والمحمدة والثناء لقوم والتخويف والإنذار لقوم آخرين تقبيحا على الحرص على أسباب المقام الأول والبعد عن المقام الثاني، قال: وقوله تعالى: (كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ) أخص من قوله: كمن هو في النار خالد، لأن إتيان الخبر مقيد بصفة أخص من إتيانه مع صفة، فقولك: زيد ضاحك في الدار ضاحكا لَا خبر بعد خبر، فوصفته بالأمرين فما يلزم منه أن يكونا مجتمعين إلى حالة واحدة.
قوله تعالى: (فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ).
قالوا: هو أخص من قولك: قطعت أمعاءهم.
قوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ... (١٦)﴾
أي ومن النَّاس المستمعون هم المنافقون.
قوله تعالى: ﴿فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً... (١٨)﴾
ابن عرفة: انظر هل المستقبل هو الذي يأتي للحال أو الماضي، والحال، هما اللذان يأتيان للمستقبل، قال: والصواب أن المستقبل هو الآتي للحال، فيقال: زيد أتاه أجله، ولا يقال: زيد أتى أجله، قال: ووجهه أن الماضي معدوم والمستقبل صار موجودا فالموجود هو الآتي.
قيل لابن عرفة: إنما ذلك بين زمنين [**والتعاند] هنا بين الإنسان والساعة وهما موجودان، فقال: الإنسان لَا يوجد إلا في زمان، فزمانه الحالي الذي كان فيه وكان فاصلا بينه وبين الساعة صار حين إتيان الساعة معروفا، قال: وعادتهم يستشكلون الآية من ناحية الجمع بين إتيانها بغتة مع مجيء أشراطها؛ لأنها بعد مجيء أشراطها حصل لهم الشعور بها، فلم [تأتهم*] بغتة، لَا يقال: هلك زيد بغتة إلا إذا لم يكن عنده بأسباب الهلاك شعور.
قيل لابن عرفة: حصل لهم العلم بها جملة لَا [بتعيين*] وقتها، فقال: إنما يصدق لفظ البغتة عليها مع العلم جملة، قيل له: قد قال تعالى في آخر الأعراف: (ثَقُلَتْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً) وهي خطاب للمسلمين وقد حصل لهم العلم بأشراطها، فقال: لم يذكر هنالك معها مجيء أشراطها؟ قال: والجواب أنه لم يقل: فقد جاء أشراطها؛ بل حذف المفعول، وأشراطها إنما حصل بها لنا لَا للكفار، فهي للكفار بغتة حقيقة.


الصفحة التالية
Icon