عبر بالاسم هنا، وقال في سورة النجم (هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى)، فعبر بالفعل؟ والجواب: أن المراد بتلك الآية عموم تعلق علمه بمن اتصف بمطلق الضلال، ومن اتصف بمطلق الهداية، والمراد بهذا المدح والثناء على النبي صلى الله عليه وسلم، فعبر فيها بالاسم الدال على ثبوته على الهداية واتصافه بأكمل صفاتها وأبلغها.
قوله تعالى: ﴿فَلَا تُطِعِ الْمُكَذِّبِينَ (٨)﴾
الموافقة والمساعدة والطاعة مترادفة، فخصص الطاعة منها لاستلزامها سلب المشاركة في فعلهم ومعبودهم، فالنهي عنها أبلغ، وهذا الخطاب إن كان للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فهو لشدة [تأسفه*] على عدم إيمانهم، فهي من ذلك كما قيل له في الآية الأخرى (جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ)، وإن كان الخطاب لغيره، فنهي عن الطاعة مطلقا، والطاعة عند الأصوليين موافقة الأمر، فيكون فيه دليل لقول ابن عرفة: [لا*] يشترط في الأمر العلو؛ بل الاستعلاء فقط، لأن هؤلاء ليس فيهم علو شرعا، وإنما فيهم الاستعلاء.
قوله تعالى: (الْمُكَذِّبِينَ).
دليل لصحة قول من قال: إن الحكم إذا علق بمشتق من صفة، فإنه غير معلل بتلك الصفة للإجماع لابن التلمساني، فإن قلت: هنا قرينة أفادت أن النهي عام؟ قلت: الأصل عدم القرينة.
قوله تعالى: ﴿فَيُدْهِنُونَ (٩)﴾
إن قلت: لَا يصح أن يكون معطوفا على (تُدْهِنُ)، لأن التمني لَا يكون إلا فيما يمكن وقوعه، فيلزم أن يتمنى الإنسان فعل غيره، [والتمني*] لَا يتعلق بفعل غيره، قلت: هو مسبب ناشئ عن دهنه، فليس هو بفعل الغير صرفا، وفيه نظر لأنهم خلطوا بين التمني والترجي؛ بأن التمني يكون في الممكن وفي المستحيل؛ بخلاف الترجي، واحتجوا بقول الشاعر:
يَا لَيْت أَيَّام الصِّبَا رَوَاجعَا
وليت للتمني.
قوله تعالى: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ... (١٠)﴾