قيل لابن عرفة: في هذا إشكال لأن ينظرون بمعنى ينتظرون، والمنتظر قاصد، والقاصد للشيء المنتظر له لَا تأتيه بغتة؛ لأن الانتظار جاء في البغتة، وأجيب: بأن المراد فهل حالهم، قيل: إلى إتيان الساعة بغتة لأنه شبهه بمن ينتظر إتيانه بغتة.
قوله تعالى: (فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا).
أي من باب استعمال اللفظ في حقيقته ومجازه؛ لأن بعض أشراطها وهو: بعث النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وانشقاق القمر والدخان وباقيها لم يقع فهو مثل: (أتَى أَمْرُ اللَّهِ) أو يكون عاما مخصوصا.
قوله تعالى: ﴿فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ... (٢١)﴾
ابن عرفة: وجه مناسبتها لما قبلها أنه لما تقدمها: (رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ) ومقتضاه كراهية المنافقين هذا الدين عقب بيان دوامهم على ذلك؛ إذ قد يتوهم أنهم إذا عزم الأمر لَا يدومون بل [يسمعون ويطيعون*] ظاهرا وباطنا.
قال الزمخشري: والعزم بمعنى الجد.
قال ابن عرفة: ليس كذلك لأن الجد في الشيء يقتضي التلبس به، والعزم إنما هو [قبل*] التلبس، [والعزم*] على الشيء إنما هو بتحصيل أكثر أسبابه، ولذلك قالوا في المسافر إذا عزم على إقامة أربعة أيام أنه يتم، وإن عزم على أقل منها فلا يتم، وتقدم الخلاف في الوجوب هل يتعلق بأول الوقت أو بآخره، واختلفوا في الواجب الموسع هل ينتقل عنه إلى بدل أم لَا؟ والبدل عندهم العزم على الفعل، وهو أن يعرض مثلا عند الزوال على أن يصلي الظهر في نصف الوقت.
قوله تعالى: (فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ).
قيل لابن عرفة: كيف يفهم هذا على قاعدة [لو نفيها إيجاب*]، وإيجابها نفي، وإنما ينتفي فيها الثاني لانتفاء الأول، فيقال: لأنهم لم يصدقوا الله فلم يكن صدقهم خيرا لهم، مع أن الصدق كله خير بالإطلاق؟ فأجاب: ابن عرفة بأنها سالبة والسالبة لا تقتضي ثبوت [الموضوع*] بوجه؛ بخلاف المعدولة.
قوله تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ... (٢٢)﴾
هذا [نعي عليهم أوليست لكم قدرة بوجه*] بحيث لو كانت لكم ولاية وسلطنة في الأرض لما قدرتم على الفساد بوجه.