قوله تعالى: ﴿كَمَا بَلَوْنَا... (١٧)﴾
التشبيه إما معنى بمعنى أو محسوس بمحسوس، لأن (ما) إما مصدرية، أو موصولة بمعنى الذي، ويقع [بمن تعلق سببه، وبمن لم يتعلق*]، قال تعالى (وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ) وقال تعالى (وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلَاءً حَسَنًا)، والعقوبة لَا تقع إلا بمن فعل [شبهها*]، وهم [لم يفعلوا*]، لكن عزموا على الفعل، قال القرطبي: [يؤخذ منه*] أن العزم على الفعل يؤاخذ به.
قوله تعالى: ﴿وَلَا يَسْتَثْنُونَ (١٨)﴾
يحتمل أن يكون مقسما عليه [أو لَا*]، الزمخشري: فإن قلت: لم سمي استثناء، وإنما هو شرط؟ قلت: لأنه يؤدي [مؤدى*] الاستثناء من حيث إن [معنى قولك*] لأخرجن إن شاء الله، ولا أخرج إلا أن يشاء الله. واحد انتهى، موجب هذا السؤال أن الاستثناء بالمشبه إن كان حقيقة لغوية فما وجهه، لأنه شرط الاستثناء، وإن كان في الشرع [مجازا*] فأين العلاقة.
قوله تعالى: ﴿فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ... (١٩)﴾
إن قلت: هلا قيل: من الله من العزيز الجبار، فإِن لفظ الرب يشعر بالرحمة والرأفة، والمحل محل العزة والانتقام؟ فالجواب: من وجوه:
الأول: أنه تخويف لقريش، أي إذا نالهم هذا مع استشعار الرحمة، فأحرى مع استشعار العزة والانتقام.
الثاني: أن السؤال إنما [يَرِدُ*] لو قال: طائف من ربهم، وإنما قيل: من ربك.
الثالث: أن [مآلهم*] عاقبته الرأفة والرحمة، لَا العقوبة؛ لأنهم تابوا أو حسنت توبتهم.
قوله تعالى: (وَهُمْ نَائِمُونَ).
إن قلت: ما أفاد مع أنه مفهوم؟ فالجواب: من وجوه:
الأول: أنه إشارة إلى أنهم أخذوا حالة أمنهم وطمأنينتهم.
الثاني: [لما*] قصدوا صرامها في خفية عن المساكين، فعوقبوا بخسفها في خفية عنهم.
الثالث: هو إشارة إلى أن السبب في عقوبتهم بذلك مجرد عزمهم على صرامها خفية عن المساكين، أي عوقبوا به وهم في حالة لم يشتغلوا فيها بمعصية ولا مخالفة،