بل كانوا نائمين فما الموجب لعقوبتهم إلا مجرد عزمهم وقسمهم، وعادة الله في إهلاك أكثر الأمم كونه على غرة وغفلة.
قوله تعالى: ﴿أَنِ اغْدُوا عَلَى حَرْثِكُمْ... (٢٢)﴾
عداه بـ على، لأن الذي يقطع ثمر النخل يستعلي عليها.
قوله تعالى: (إِنْ كُنْتُمْ صَارِمِينَ).
صرام النخل بالفعل متأخر عن الغدو عليها، فلا يكون عليها شرطا في الغدو، ولأن الشرط متقدم على المشروط، فيتعين أن المراد إن كنتم عازمين على صرامها.
قوله تعالى: ﴿قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ (٢٩)﴾
وقال تعالى بعده (يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ) لأن الظلم معصية قاصرة على نفس الإنسان، والطغيان معصية متعدية لغيره، [وهم*] ظلموا أنفسهم بقسمهم وعدم استثنائهم، وطغوا على المساكين بعزمهم على منعهم من عادتهم.
قوله تعالى: ﴿عَسَى رَبُّنَا... (٣٢)﴾
قال ابن عصفور: [كل ما*] وقع في القرآن من عسى [فهي*] واجبة، إلا قوله تعالى: (عَسَى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ)، وتقدم الرد عليه، واستثناء هذه [لو كان*] صوابا، لأن التبديل هنا لم يقع إلا أن يجيب: بأن ذلك في عسى، إذا كانت من الله تعالى، وهذه من كلام أصحاب الجنة.
قوله تعالى: ﴿وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ... (٣٣)﴾
وقف بعضهم على أكبر، وجواب لو محذوف أي لاهتدوا، وهو حسن.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ... (٣٤)﴾
تقديم المجرور هنا واجب، لأن الضمير في (رَبِّهِمْ) يعود عليه، فلو أخر عليه لأدى إلى عود الضمير على ما بعده لفظا ورتبة.
قوله تعالى: ﴿أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (٣٥)﴾
ابن عطية: لما نزلت (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ)، قالت قريش: إن كانت جنات، [فلنا*] فيها [أكبر الحظ*]، فنزلت (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ) انتهى، لو كان كما قال: لقيل: أفنجعل المجرمين كالمسلمين، لأنهم أثبتوا للمسلمين فيها حظا، وادعوا أن لهم مثله [وأكبر منه*]، فلو روعي في الآية مقتضى السبب لقيل: أفنجعل