قوله تعالى: ﴿فِيهِ لَمَا تَخَيَّرُونَ (٣٨)﴾
ظاهره حجة لمن يقول: بأن [في كل*] نازلة للمجتهد أن يحكم بما شاء على القول بأن ليس لله في كل نازلة حكما معينا، وأما على القول بأن له في [كل*] نازلة حكما معينا، فلا يحكم إلا بما أداه إليه اجتهاده.
قوله تعالى: ﴿أَمْ لَكُمْ أَيْمَانٌ... (٣٩)﴾
أي عهود ومواثيق، والمراد بالكتاب الذي فيه يدرسون ما اشتمل عليه الكتاب من الألفاظ الظاهرة الدلالة، والمراد بالأيمان [البالغة*] الألفاظ الدالة قضاء، أو المراد بالأول النص، وبالثاني [**تركيب الخصوص]، أو المراد بالأول: الدليل السمعي المعجزي، وبالثاني: الدليل السمعي غير المعجزي، فإِن الوحي قسمان، فالقرآن معجز، والسنة غير معجزة.
قوله تعالى: (إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ).
يحتمل أن يكون ابتداء كلام، أي لكم لحكما إذا كان ذلك، والغرض أنه لم يكن فلا حكم لكم، وجعل الزمخشري الأول قسما وهذا جوابه، أي [أم ضمنا منكم*] وأقسمنا لكم بأيمان مغلظة [متناهية*] في التوكيد (إِنَّ لَكُمْ لَمَا تَحْكُمُونَ).
قوله تعالى: ﴿سَلْهُمْ أَيُّهُمْ بِذَلِكَ زَعِيمٌ (٤٠)﴾
لو قيل: أفيهم أو هل فيهم زعيم بذلك، لكان المعنى السؤال عن وجوه الزعيم فيهم بالأصالة، وإنما قيل: سلهم أيهم بذلك زعيم، فإِما أن يكون المعنى أنهم ادعوا أن فيهم زعيما بذلك، أي ضامنا متكفلا بتصحيح ما قالوه، فيسألوا عن تعيين ذلك الشخص الزعيم فالسؤال حقيقة، وإما أن لَا يكونوا ادعوا أن فيهم زعيما بذلك، فيكون السؤال مجازا من باب نفي الشيء بإيجابه، كقوله: عَلَى لَاحِبٍ لَا يَهْتَدِي بِمَنَارِهِ، أي ليس له منار فيهتدي به، والمعنى ليس لهم زعيم فيسألون عن تعيينه، فالسؤال تعجيز لهم، أو من باب انتفاء الشيء لانتفاء ملزومه، لأنه [تعالى*] أمره عليه الصلاة والسلام أن يسألهم عن تعيين، وكذلك الكلام في (أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ)، وتفسير القرطبي الزعيم [بالرسول*] ضعيف، لأنهم ما ادعوا قط أن فيهم رسولا، وليس القرطبي من أهل التفسير (١)؛ لأنه يجلب الغث والسمين، وما زال الشيوخ لَا يعتبرون كلامه في التفسير.
قوله تعالى: ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ... (٤١)﴾