رؤية ظاهرة لَا شك فيها بحيث تصفهم لغيرك، والواحد منا إذا رأى شيئا تارة يكون لو سئل عنه لوصفه لغيره؛ كأنه يشاهد، فهذا أحاط بصفته، وتارة لَا يقدر على وصفه لغيره.
قوله تعالى: (وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ).
هو مقتضاه، وهو نحو قول الأصوليين: لحن الخطاب، وهو عندهم دلالة اللفظ التزاما على ما لَا يستقل الحكم إلا به: (أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ) أي فضرب فانفلق، وقد أطال أبو علي [القالي*] في الأمالي الكلام في لفظ اللحن. انظر فيه.
قال ابن عرفة: فاقتضت الآية أن الله تعالى لم يريهم لنبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا أعلمه بهم لكن جعل له علامة على معرفتهم وهو أنهم يتكلمون بمحضره كلاما يفهم منه عنهم النفاق من غير أن [يقصدوا*] به إفهامهم.
قيل لابن عرفة: تقدم لنا هنا أن هذه الآية دالة على صحة الشهادة على [الخطأ*] في الكلمة الواحدة، لقوله تعالى: (فِي لَحْنِ الْقَوْلِ) ولم يقل: لحن الكلام، والقول أعم من الكلام.
قوله تعالى: (وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ).
قال ابن عرفة: يدخل فيه النظر والنية كما تقدم في قوله: "إنما الأعمال بالنيات"، أنه يستثنى منه النية والنظر.
قوله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ... (٣١)﴾
قال ابن عرفة: هذا ترق في العلم فأظهرها العلم بالجهاد، ثم العلم بالصبر، وأخفاها العلم بالإخبار، فإن الأقوال فيها الحقيقة والمجاز، والعموم والخصوص