الوفاء بها والتحوط عليها، فيفون بذلك، فإِن قلت: وعلى هذا يكون عطف (وعهدهم) ترقيا، لأن العهد في الأشياء [المشقة*]، والأمانة المجردة في الأشياء الخفيفة، قلت: بل هو بدل؛ لأنهم إذ أوفوا مع عدم الاستحلاف، فأحرى مع الاستحلاف.
قوله تعالى: ﴿بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (٣٣)﴾
المراد تحملها على وجهها من غير تحريف فيها ولا نقصان ولا زيادة، فلا يشهد إلا بما يستشهد عليه، واحتج بها بعضهم على وجوب [الإدلاء*] والظاهر الأول.
قوله تعالى: ﴿فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا... (٣٦)﴾
الفاء للتسبيب، وتقريره أنه لما تضمن الكلام السابق أن الجنات والنعيم لمن اتصف بالصفات المذكورة، هي أخص من الإيمان وأبلغ، ودل ذلك بمفهومه على أن من حصل مجرد الإيمان ولم يتصف بتلك الصفات لَا ينال ذلك النعيم ولا تلك الجنات، وكان الكفار طامعين بالجنة، أتى بفاء السبب، أي كيف يطمعون فيها والمؤمنون [الذين*] لم يحصلوا تلك الصفات، ليسوا على وثوق من دخولها.
قوله تعالى: ﴿عَنِ الْيَمِينِ... (٣٧)﴾
أي عن يمينك وشمالك، أو عن يمين كل واحد منهم وشماله.
قوله تعالى: ﴿أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ... (٣٨)﴾
لم يقل: [أيطمعون*]؛ لئلا يتوهم أن الطمع إنما هو لردٍّ ما بهم، ومن له قرابة بالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فإن قلت: إنما تعلق طمعهم بالجنة المقدرة الوجود لا بالجنة من حيث كونهم أثبتوها، لأنهم لم يقروا بوجودها، فهلا قيل: أيدخل جنة نعيم، إن كان ثم جنة؟ فالجواب: أنه رد عليهم، وإثبات للجنة، وتحقيق لوجودها.
قوله تعالى: ﴿فَلَا أُقْسِمُ... (٤٠)﴾
النفي هنا كما تقدم [في قوله [(فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ * وَمَا لَا تُبْصِرُونَ) *] أنه لما راجع لما قبله أو نفي القسم، وهو الظاهر ويتأكد هنا؛ لأن المقسم عليه أوضح من الأول، بحيث لا يتصور فيه مخالف، لأن قدرة الله تعالى على هلاكهم وإيجاد غيرهم أمر [مشاهد*] مألوف غير مستغرب، [فإنا*] نجد الملوك والجبابرة الظالمين يهلكون، ويأتي خير منهم؛ بخلاف كون ذلك القول قول رسول كريم، فإنه لَا يعلمه ويقر به إلا المؤمنون، وأما الكافرون فإنهم يخالفون فيه.
قوله تعالى: (بِرَبِّ الْمَشَارِقِ).