والاستعارة والتعريض والرموز، والظاهر والمأول والكنايات الظاهر والكناية الحقيقية، فالعلم بها أخفى من العلم بالصبر.
قال ابن عرفة: وفيه سؤال: وهو أن قوله تعالى: [(وَنَبْلُوَ) *] معطوف على (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) أو على قوله تعالى: (حَتى نَعْلَمَ) وكونه منصوبا دليل على أنه معطوف على (حَتَّى نَعْلَمَ)، فإن كان قوله: [(وَنَبْلُوَ) *] بمعنى قوله: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ) لزم أن يكون الشيء غاية لنفسه، وإن كان أخص منه لزم كون الكلي غاية للجزئي، وهو باطل عنه، والجواب: أنه خاص لَا أخص، كقولك: والعورة من السرة إلى الركبة؛ لأنه ليس المراد إظهار المطلق بل المقيد بالأقوال، أي ولنخبرنكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونختبر أقوالكم.
قوله تعالى: ﴿لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا... (٣٢)﴾
وهذا إما على ظاهره، أو المراد (لَنْ يَضُرُّوا) رسول الله، مثل (إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يبايِعُونَ اللَّهَ) و (شَيْئًا) مصدر مؤكد للنفي لا للفعل المنفي، فهو داخل بعد النفي لَا قبله.
قوله تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ.. (٣٣)﴾
تقدم الخلاف في الطاعة، هل هي موافقة الأمر وعدم مخالفته، فمن عجز عن فعل ما أمر به [مطيع*] على الثاني دون الأول.
قوله تعالى: (وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ).
يتناول الأعمال الموجبة؛ كمن شرع في نافلة لَا يحل له أن يقطعها، ويتناول البشرية؛ كمن يتصدق بدرهم ثم آذى الفقير، أو مَنَّ به عليه، قال تعالى (لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى).
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ... (٣٤)﴾
العطف بـ ثم إما نعي عليهم إشارة إلى أنهم أمهلوا وأخروا لكي ينزجروا [وينظروا*] النظر السديد فلم يؤمنوا، وإما البعد ما بين مطلق الكفر والموت على الكفر.
فإن قلت: ما الفرق بين قولكم: ماتوا كافرين، وبين قولك: و (مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ)؟ فالجواب: كان بعضهم يقول: الثاني أبلغ لأنه تصديق، والأول راجع لقسم التصور، لأن الثاني جملة إسنادية خبرية، والأول قيد في الجملة فهو مفرد.
قوله تعالى: (فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ).