أي تعاظمت عظمته وتفسير الخطيب: الجد بالأصل خطأ، واعتقاده كفر، وعبر بالولد ليشمل الذكر والأنثى فيكون ردا على الجاهلية في قولهم: الملائكة بنات الله، وعلى اليهود في قولهم: عزير ابن الله، وعلى النصارى في قولهم: المسيح ابن الله، فإن قلت: [نفي الصاحبة*] يستلزم [نفي الولد*]، فالجواب: إما أن نقول أنه دلالة [المطابقة*] أقوى من دلالة الالتزام، وإما كون الصاحبة سبب في وجود الولد، إنما هو سبب مادي لَا عقلي.
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (٥)﴾
هذا اعتذار منهم؛ أي كنا نعتقد أن لَا يكذب أحد منا، ولا من غيرنا على الله، وهو ظاهر إن قلنا إن العقل خلا من سمع، وإن قلنا إنه لم يخل قط من سمع؛ فيكون المراد بعض الإنسان وبعض الجن، وهم الذين شاهدوهم ورأوهم، ويكون البعض الآخر وهم المؤمنون والمصدقون بوجود الله ووحدانيته لم يرهم ولا بلغتهم مقالتهم، فحينئذ يصح أن يكون هذا القول عذرا لهؤلاء، وإلا فيقال سمعتم [قول*] الكاذبين من الفريقين، وقول الصادقين، فصدقتم الكاذبين، واتبعتم قولهم [بغير*] موجب، وتركتم قول الصادقين فلا ظن لكم.
قوله تعالى: ﴿حَرَسًا شَدِيدًا... (٨)﴾
قيل: اسم جمع، وقيل: جمع حارس، فإن قلت: وصفه بالمفرد يدل على أنه ليس بجمع، قلت: نص المبرد على أنه يصح وصف جمع التكسير بالمفرد، وهذا خلاف كلام الزمخشري لاستدلاله على أنه اسم جمع بوصفه المفرد؛ فمفهومه أنه لو كان جمعا لما وصف بالمفرد.
قوله تعالى: ﴿وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ... (٩)﴾
هذا دليل لأهل السنة في أنهم أجسام متحيزة خلافا للمعتزلة، وورد أنهم كانوا يقعدون واحدا فوق واحد [حتى يقرب للسمع*].
قوله تعالى: (فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ).
(مَن) الشرطية تدل على الاستقبال دلالة ظاهرة، والآن تدل على الحال دلالة نص، فلا تناقض بينهم، فصح أنه حال، فإن قلت: على هذا يكون منع الشياطين بالشهب عن استراق السمع خاصا بذلك الزمان؛ مع أن المشاهد إقامته واستمراره في المستقبل؟ قلت: إنما جاء الخصوص من مفهوم الزمان في الآن، ولنا أن نقول: إن المفهوم هنا غير [معتبر*].


الصفحة التالية
Icon