قوله تعالى: ﴿أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (٢٥)﴾
إن قلت: فيه عطف الأعم على الأخص، وهو غير جائز لما فيه من تقسيم إلى نفسه وإلى غيره، وجعل قسما الشيء قسيما، فالجواب أن في الكلام تقدير صفة أي أمرا بعيدا، وأجاب الزمخشري بأن المراد بقريب الزمن الحالي، [وبالأمد*] الاستقبالي، فليس من عطفه الأعم على الأخص؛ بل من عطف الشيء على غيره، فيلزمه المجاز في حمل القريب على الحال، ويلزمنا نحن الإضمار وهو خير من المجاز، فإِن قلت: ليس مراد الزمخشري بالقريب الحال بل الزمن الذي يتوقع في كل وقت حضوره، أي لا تدري أهذا الذي تدعون أواقع بكم ليس له حد محدود؛ [أم هو واقع في زمن متوقع حلوله بكم*] إذ له أمر لَا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه كأجل الدَّين الحالِّ مع الدَّين المؤجل، قلت: إن أردت بالقريب أنه مؤخر عن زمن الحال، فيتناوله لفظ [الأمد*]، وإن أردت به الحال؛ فيلزمك المجاز، ونفي العلم بقربه وبعده؛ فيستلزم نفي العلم بعين وقته؛ بخلاف العكس، ولفظ الرب مناسب لما تضمنته الآية من الرحمة والشفقة عليه.
قوله (فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦).. هذه الإضافة مجاز؛ لأن المضاف إليه يكتسي من المضاف إليه وصفا مناسبا بحق، [كقولك*] زيد صاحب عمرو [واكتسى*] منه وصف الصحبة، وكذا زيد ضارب عمرو، [اكتسى منه*] وصف الضرب، حسبما ذكر الفخر نحوه في [المحصول*] في إضافة أصول الفقه، فيلزم فيه أن يكون الغيب صفة لله وهو باطل، فإِن قلت: هو صفة له بمعنى أنه فاعله في قوم دون قوم؟ قلت:
ذلك تغييب لَا غيب؛ لأنه من غيب، وهذا من [ | ]. فيرجع إلى المجاز الذي قلناه. |