قوله تعالى: ﴿رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ... (٩)﴾
الأولى [تفسير*] الرب بالخالق؛ لأنه أعم فائدة، فإن قلت: لم قدم المشرق على المغرب والصواب العكس؛ لأن العرب إنما يؤخرون؛ فزمن الغروب متقدم على زمن الطلوع، قلت: الآية خرجت مخرج التعظيم لقدرة الله تعالى في إبدائه هذا الخلق العظيم الذي هو جرى في الشمس، فناسب البداية بالمشرق، و (رب) مبتدأ و (لا إله إلا هو) خبره، أو (رب) خبر مبتدأ مضمر أي هو رب، ويترجح الأول بعدم الحذف، وبأن الخبر محل الفائدة، والكفار موافقون على أنه رب المشرق، وإنما خالفوا في الوحدانية، فإِذا جعل (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ) خبرا كان فيه زيادة فائدة، ويترجح الثاني بأنهم قالوا بأن المبتدأ يحذف إذا كان الخبر لَا يصلح إلا له، والمشرق والمغرب إما اسم زمان، أو اسم مكان، أو اسم مصدر، وهو الظاهر؛ لأن (رب) لزمن شروق الشمس وغيره من الأزمان، و (رب) لمكان طلوعها وغيره من الأمكنة، وأيضا فزمن الشروق مختلف باختلاف البلاد، وكذلك مكان شروقها فلا خصوصية فيه، فلا يقال: رب سائر الأزمنة والأمكنة، وإذا قلنا: المعنى رب الإشراق كان قائما في كل قطر وكل زمن.
الزمخشري: وقرئ (ربُّ) مرفوعا على [المدح*]، ومجرورا على البدل (من (ربِّكَ)، وعن ابن عباس على القسم بإضمار حرف القسم، كقولك: الله لأفعلن، انتهى، إن أراد أن ابن عباس لم ينقل عنه غير القراءة فقط، فليس فيه دليل على أنه قسم، أو لعله بدل من (ربِّكَ) أو من الضمير في (إليه)، وإن أراد أنه قرأها وجمعها على القسم، فهذا لم ينقل مثله عن ابن عباس ولا عن عمر ولا غيرهما من الصحابة؛ لأنهم لم يكونوا يقرءون اصطلاح النحويين إذ النحو حادث [بعدهم*]، وإنما كانوا يتكلمون بطبعهم، ويحتمل أن يقال: إن ابن عباس فسر المعني ففهم عنه [حذفا*] على القسم.
قوله تعالى: (لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ).
اختلفوا في دليل الوحدانية هل هو مستفاد من السمع، وهو اختيار جماعة من المتأخرين، أو من النقل، وهو مذهب الأقدمين، أو منهما معا، وهو مذهب المحققين من المتأخرين، وسبب الخلاف: هل الإيمان بالرسول متوقف على وجود الصانع فقط، أو على وجود وحدانيته.
قوله (فَاتخِذْهُ وَكِيلًا) أخص من توكل عليه، إن قلت: لم وصل هذا بما قبله بفاء العطف، [ووصل*] (لَا إله إلا هو) بما قبله فلم يعطفه عليه [والأنسب*] كان يكون العكس؛ فإن الأوليين جملتان اسميتان، والثانية فعلية، والجملتان الاسميتان متفق على