إما أن يراد الإبصار أي نظر إلى النبي ﷺ وإلى قومه، أو يراد بالنظر غير الفكر؛ فيكون أولا استحضر المعلومات فقط، فحكم بما حكم به من غير جزم، ثم نظر ثانيا ورتب الدلائل فحكم بما حكم جازما به ومعتقد أنه أحق.
قوله (فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (٢٤) إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥).. إما أن يكون على معنى حرف العطف، فتكون الجملتان متباينتين، وإما أن نقول إنهما على حقيقتهما متصلتان؛ لأجل اشتراكهما في مخالفتهما القرآن وفي القدح فيه، فالأولى تضمنت أنه سحر، والثانية أنه مخلوق حادث لحصولهما [في] شيء واحد هو أنه مستفعل مختلف، ولا يصح أن تكون الثانية بدلا من الأولى؛ لأن القول أعم من السحر، والأعم لابد له من الأخص.
قوله تعالى: ﴿لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ (٢٨)﴾
أي لَا تبقي شيئا حاصلا [فيها*] إلا محقته، ولا تذر شيئا خارجا منها يستحق الدخول فيها إلا أدخلته فيها.
قوله تعالى: ﴿تِسْعَةَ عَشَرَ (٣٠)﴾
قال بعضهم: السر في تخصيص هذا العدد أن مجموع ساعات الليل والنهار أربع وعشرون ساعة، منها خمس ساعات للصلوات الخمس المفروضات، يبقى العدد المذكور في الآية.
ابن عطية؛ قال بعض النَّاس: إنهم على عدد بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، [يريد*] على عددها مكتوبة، فيعد بسم ثلاثة أحرف، والله أربعة أحرف، والرحمن ستة، ولا يعد الألف المحذوفة ولا الحرف المشدد.
ابن الخطيب في شرح الأسماء الحسنى، قوله تعالى: (عَلَيهَا تِسْعَةَ عَشَرَ) فسر بثلاثة أمور:
أحدهما: أن اليوم [بليله*] أربع وعشرون ساعة، خمس منها مشغولة بالصلوات الخمس، وبقيت تسعة عشر خالية عن ذكر الله تعالى، فكان عدد الزبانية كعددها.
الثاني: أبواب جهنم سبعة، [فَسِتَّةٌ*] مِنْهَا لِلْكُفَّارِ، وواحد للفساق، وأركان الإيمان ثلاثة: إقرار واعتقاد وعمل، فالكفار تركوا الثلاثة [فلهذا يحسب لتركهم ثلاثة*] من الزبانية على كل باب من الستة، فالمجموع ثمانية عشر، والفساق أتوا بالإقرار والاعتقاد دون العمل فلهم من الزبانية واحد، فالمجموع تسعة عشر.


الصفحة التالية
Icon