قال ابن عطية: وقيل: مأخوذ من الوتر وهو الفرد، أي أنه أفردكم من ثواب أعمالكم.
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ... (٣٦)﴾
قال ابن عرفة: كان بعضهم يقول إذا قلت: هذا الثوب أسود فتارة تريد الحقيقة بمعنى أنه لَا بياض فيه بوجه، وتارة تطلقه مجازا بمعنى أن بعضه أسود وإن كان بعضه أبيض، فقوله (الدُّنْيَا) إن كان على معنى الأول فهي حياة لَا حظ فيها للآخرة بل هي كلها مشغولة بالأمور الدنيوية فقط، فالوصف بالدنيا [للحصر*] والقصر على شهواتها، وإن كان على المعنى الثاني فهي حياة دنيوية وإن خالطها بعض أسباب الآخرة فوصفها بالدنيا مجازا، [واللعب*]
كان بعضهم يقول: هو الاشتغال بما لَا فائدة فيه مطلقا، كلعب الأطفال واللهو والاشتغال مما يسلي النفس ويلهيها عما نالها من الغم والهم والحزن، كلعب المسجونين، وقدم في الأعراف والعنكبوت اللهو على اللعب، وفي غيرها عكس ذلك بحسب الوقائع، فإن كان حال [الإنسان*] حين نزول الآية عليه مشغولا بما لَا فائدة فيه كالأطفال قدم اللعب، وإن كان العكس قدم اللهو.
قوله تعالى: (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ).
قيل لابن عرفة: مفهومه (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ) مع أنه لَا أجر لهم هنالك بوجه، فقال: السالبة لَا [تقتضي*] وجود الموضوع بوجه، قيل له: يبقى مفهوم آخر وهو أنه إن لم يؤمنوا [ولم يتقوا*] سألهم أموالهم، يقال: مال الحربي غير محرم، أو تقول: الكفار مخاطبون بالفروع.
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (٣٨)﴾
يؤخذ منه صحة ما قاله الأصوليون من أن الغيرين يصدقان على المثلين.
قيل لابن عرفة: كيف هذا وقد ورد في الحديث: " [لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ*] ".
فأجاب بمفهوم: قوله تعالى: (تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا) معا.
* * *


الصفحة التالية
Icon