شيئا مذكورا، وكذا قال الزجاج إلا أنه حمل الإنسان على آدم عليه السلام، فقال: المعنى ألم يأت على الإنسان حين من الدهر كان فيه ترابا وطينا إلى أن نفخ فيه الروح، انتهى، وقال بعضهم: لَا تكون هل للاستفهام التقريري وإنَّمَا ذلك من خصائص الهمزة، وليس كما قال، وذكر جماعة من النحويين أن هل بمنزلة إن في إفادة التأكيد والتحقيق، وحملوا على ذلك: (هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِذِي حِجْرٍ) قدروه جوابا للقسم، وهو بعيد، والدليل الثاني: قول سيبويه وقد مضى أنه لم يقل ذلك، والثالث: دخول الهمزة على مثلها في البيت والحرف لَا يدخل على مثله في المعنى، وقد رأيت عن السيرافي أن الرواية الصحيحة [أم هل*] هذه منقطعة بمعنى بل، فلا دليل، وبتقدير ثبوت [تلك*] الرواية فالبيت شاذ فيمكن تخريجه على أنه من الجمع بين حرفين لمعنى واحد على سبيل التوكيد كقوله: هؤلاء [**للاهتمام بهم] [... ] الذي في ذلك البيت أممثل لاختلاف اللفظين، وكون أحدهما على حرفين، كقوله:
فَأَصْبَحْنَ لَا يسألنه عَن بِمَا بِهِ... أصعد فِي علو الْهوى أم تصوبا.
قوله تعالى: ﴿إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (٣)﴾
فيه سؤال: وهو ما السر في العدول عن صريح المقابلة، فيقال: إما شاكرا وإما كفورا، ويقال: إما شكورا وإما كفورا؟ والجواب: أنه من حذف التقابل حذف شكورا لدلالة (كفورا) عليه، وحذف كافر لدلالة شاكر، والقسمة الممكنة باعتبار التقابل أربعة: شكور كفور، شاكر كافر، شاكر كفور، شكور كافر.
قوله تعالى: ﴿إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ... (٥)﴾
إن قلت: لم عبر في ذكر تعذيب الكفار بالإعداد، ولم يقل في ذكر تنعيم المؤمنين: إنا أعتدنا للأبرار شرابا؟ فالجواب: أن اعتداد العذاب للمعذب أشد عليه؛ لأن انتظار العذاب أشد من حصوله، ولو ذكر في تنعيم المؤمنين لتألموا بعدم تعجيله، مع أن الإنعام على إنسان بما لم يسبق له شعور أكمل مما سبق له شعور.
قوله تعالى: ﴿لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً... (٩)﴾
إن كانت ((إِنَّمَا) [في*] قوله (إِنَّمَا نُطْعِمُكُم) للحصر فهذا تأكيد، وإلا فهو تأسيس، ويدل على أن إرادة وجه الله وإرادة الشكر والجزاء الآن لَا [... ]، فإن قوله في المدونة في السلم الأول: إن أسلمت ثوبا فسطاطيا في ثوب فسطاطي إلى أجل، فهو قرض؛ فإِن


الصفحة التالية
Icon