بها فاسقا، فقال يصح ذلك بمعنى أبدا المانع جهالة عن الفسق، كما قال: "أشد النَّاس عذابا يوم القيامة الشيخ الزاني، والعالم المستكبر، والأمير الكذاب"، لأن الداعي لهم إلى الفسق معدوم في حقهم، قال: [ولمز الإنسان على غيره*] من باب لمزه نفسه.
ابن عطية: لأنه يطعن بعضكم على بعض بذكر النقائص وقد تكون اللمز بالقول وبالإشارة، والهمز لَا يكون إلا باللسان وهو مشبه بالهمز [بالعود*].
قيل لأعرابي: أتهمز الفأرة، فقال: الهر همزها. انتهى. ذكر هذا ليستدل به على أن الهمز يكون بالفعل، ومعنى قوله أتهمز الفأرة، أي تقول: بالهمز، فأجابه الأعرابي مستخفا به؛ لأن الهر يهمزها، وهمز الهر لها بالفعل.
وما ذكر ابن عطية:

من أن سبب نزول الآية [ ] بما يكره ضعيف؛ لأنه مسرع فيبعد أن يترك ردا عليه.
ابن عطية: [كأن المؤمنين كنفس واحدة*] فإِذا لمز أحدهم صاحبه فكأنه لمز نفسه، انتهى. والمراد النهي عن سبب اللمز، أي لَا تفعلوا من المعايب ما يكون سببا في لمزكم، فإِن فعلتم ذلك فكأنكم لمزتم أنفسكم بفعلكم سببه فإِنه من إطلاق اسم المسبب وهو اللمز على سببه وهي العيوب.
الزمخشري: وعن الحسن رضي الله عنه في ذكر الحجاج: [أخرج إلى بنانا قصيرة قلما عرقت فيها الأعنة في سبيل الله ثم جعل يطبطب شعيرات له ويقول: يا أبا سعيد يا أبا سعيد، وقال لما مات: اللهم أنت أمته فاقطع سنته، فإنه أتانا أخيفش أعيمش يخطر في مشيته ويصعد المنبر حتى تفوته الصلاة، لا من الله يتقي ولا من الناس يستحي*]. انتهى.
ابن عرفة: وهذه غيبة لكن في فاسق وقد ورد "لَا غيبة في فاسق" إذا تظاهر بالمعاصي فلا تحرم غيبته، ولقد سئل بعضهم عمن حلف بالطلاق أن الحجاج من أهل النار، فقال: قل له يبقى مع زوجته فلان غفر الله للحجاج، فهو راحم به إذا بقي مع زوجته في الحرام وهي سيئة من سيئات عبد الملك بن مروان.
قوله تعالى: (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ).
فسره الزمخشري بثلاثة أوجه:
أحدها: استقباح ما بين الإيمان وبين الفسق الذي يأباه الإيمان ويمنعه، وهذا توقيف على مذهبه في أن الفاسق كافر وليس بمؤمن، ولو صدر هذا الكلام من سني


الصفحة التالية
Icon