ذكر القاضي عياض في الشعب والقبيلة في كتاب النكاح من التنبيهات ورتبها كما رتبها ابن عطية والزمخشري، هنا.
الزمخشري: والشعب [الطبقة الأولى من الطبقات الست التي عليها العرب، وهي: الشعب، والقبيلة، والعمارة، والبطن، والفخذ، والفصيلة، فالشعب يجمع القبائل، والقبيلة تجمع، العمائر، والعمارة تجمع البطون، والبطن تجمع الأفخاذ، والفخذ تجمع الفصائل: خزيمة شعب، وكنانة قبيلة، وقريش عمارة، وقصى بطن، وهاشم فخذ، والعباس فصيلة.*]، انتهى.
قلت: أعلاها خزيمة، وأخصها العباس، والقبيلة متقدمة على الشعب في الوجود، والشعب متقدم عليها في التسمية، وبيان ذلك أن أباك وأمك متقدمان عليك في الوجود، ولكن اسم الأبوة والأمومة ما صدق عليهما إلا بعد ما تزايد لها الولد فكانا موجودين دون وصف الأبوة [والأمومة*]، وكذلك القبيلة أول وجود خزيمة لم تكن يقال لها قبيلة ثم لما تزايد لها الأولاد والأحفاد صارت قبيلة، ثم لما كثروا وانتشروا صارت شعبا، ثم لما امتدت فروعهم واشتهروا صارت عمارة، ثم تزايدوا في الكثرة فصارت فصيلة، وإذا كانت القبيلة متقدمة في الوجود، فكان الأصل أن يقدم في الذكر لكن الشعب أهم من القبيلة والقبيلة أخص منه؛ لأن مسمى الشعب وأفراده، وأجاب لكثر من مسمى القبيلة، وتقرر أن المعرفات يبدؤوا فيها بالأعم ثم الأخص.
وقال: (وَجَعَلْنَاكُم) ولم يقل: وخلقناكم؛ لأن الشعب والقبيلة لم يكونا في أصل الخلقة؛ بل هما صفتان عارضتان، فناسب لفظ جعل بمعنى صير.
قوله تعالى: (لِتَعَارَفُوا).
إشارة إلى أن الاختلاف بينهم إنما ليعرف هو بعضهم بعضا لَا لكون بعضهم أشرف وأحسن من بعض.
قوله تعالى: (إِنَّ أَكْرَمَكُم عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُم).
في المدونة في كتاب النكاح الأول، قيل: [أَرَأَيْتَ إنْ رَضِيَتْ بِعَبْدٍ*] قال: قد قال [مالك*] " [أَهْلُ الْإِسْلَامِ كُلُّهُمْ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَكْفَاءٌ*] "، [وقيل*]: إن بعض هؤلاء فَرَّقُوا بَيْنَ عَرَبِيَّةٍ وَمَوْلًى فاستعظم ذلك، وقال: (إِنَّ أَكرَمَكُم عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ).
قال الشيخ أبو الحسن اللخمي: والحديث الصحيح الذي فيه، قال: " [فَعَنْ مَعَادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي» قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: «فَخِيَارُكُمْ فِي الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقُهُوا*"] اعتبر فيه