خبرا (آمَنَّا) بدليل تكذيبهم فيه، وفيه دليل لجواز أن يقول الإنسان: أنا مؤمن دون استثناء؛ خلافا لمن قال: لَا بد من زيادة إن شاء الله، وتقدم الكلام على ذلك في سورة آل عمران.
الزمخشري: الإيمان هو التصديق مع الثقة، وطمأنينة النفس، انتهى، هذه غفلة عن مذهبه؛ لأن مذهب المعتزلة أنه مشروط بالأعمال الصالحة، وأراد بالطمأنينة، كمال التصديق القلبي مع السلامة من [إباية*] النطق بالشهادتين عند التمكن من ذلك.
قال شيخنا ابن عرفة: هو كاف ولا أعلم فيه [خلافا*]، فإِن من آمن وأمكنه النطق فلم ينطق ولم يدعه أحد إلى النطق حتى مات، فهو مؤمن وإن دُعي إلى النطق فامتنع، فهذا هو الكافر العنادي.
وقد قال في العتبية في كتاب الطهارة في سماع موسى، من ابن القاسم في النصراني: يغتسل ويصب السنة في الغسل ثم يُسلم بعد ذلك، أنه لَا يجزئه الغسل، فإِن اغتسل وقد أجمع على الإسلام بقلبه، ثم أسلم بعد ذلك أجزأه. ابن رشد: لأنه إذا اعتقد الإسلام بقلبه فهو مسلم عند الله حقيقة؛ إلا أننا لَا نحكم له بحكم الإسلام حتى يظهره لنا بلسانه لنجري عليه في الدنيا [أحكامه*]، ولو اخترمته المنية قبل أن يتلفظ بكلمة التوحيد بعد أن اعتقدها لكان عند الله مؤمنا، إلا أن الذي لَا يتكلم يصح إيمانه لأنه من أقفال القلوب.
ابن العربي في تأليفه في أصول الدين المسمى بالمتوسط، وفي سراج المريدين، وفي العارضة أجمعوا أنه لَا بد من النطق بالشهادتين بين، وأن الاعتقاد القلبي غير كافٍ من القادر على النطق.
قال شيخنا: ولا أعلم أحدا [حكى*] ذلك غيره، قد قال ابن زيد في الرسالة: وإن الإيمان قول باللسان، وإخلاص بالقلب، وعمل بالجوارح، فقال: يريد الإيمان الكامل والذي عليه السنة أنه يكفى في حصول الإيمان مجرد التصديق بالشهادتين والمعاد بكل ما جاء به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على الجملة وشرط الأكثرون استحضار المعاد مع الشهادتين وما عداه يكفي فيه التصديق الجملي، وأما النطق بالشهادتين هو عمل من الأعمال، ولم يشترط العمل مع الإيمان إلا المعتزلة.
وحكى ابن العربي فيمن آمن وعصى: بترك الفروع قولين لأهل السنة فأكفرهم لا يسميه كافرا، وبعضهم سماه كافرا؛ لكن غير مخلد في النار، وهو عند المعتزلة مخلد فيها، وهذا خلاف لفظي راجع إلى مجرد التسمية، وهذا هو قول [عجيب*] في التكفير


الصفحة التالية
Icon