ليس بتكرار لأنه قوله: (لَمْ تُؤمِنُوا)، نفي لماض منقطع، وقوله (وَلَمَّا يَدْخُلِ) نفي لماض متصل بالحال فهو أبلغ.
وقال الفخر: الأول نفي للإيمان الكسبي، والثاني نفي للإيمان الإلهامي الذي يقع بقلب المؤمن من قبل أن يكفر، أي [كيف تقولون*] آمنا وما آمنتم إيمانا كسبيا، ولا يدخل الإيمان في قلوبكم إلهاما من غير فعلكم فلا إيمان لكم.
الزمخشري: ما في (لَمَّا) من معنى التوقع دال على أن هؤلاء قد آمنوا فيما بعد.
فأبطله أبو حيان بأن (لَمَّا) لنفي قد فعل فهي تنفي التوقع، ويجاب: بأنها لنفي الفعل الذي كان متوقعا وقوعه لَا لنفي التوقع فلم يزل التوقع ثابتا متعلقا بالمستقبل.
قوله تعالى: (وَإِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ).
قيل: لم أتى بـ (إن) دون [إذا*] مع أن القاعدة أن الفعل إذا كان [محققا*] وقوعه فالمناسب له (إذا)، وإن كان [محققا*] عدمه أتى بـ إن؟ أجيب بوجهين:
الأول: أنه أشار إلى كمال استغناء الله تعالى عنهم.
الثاني: أنه يستحيل عليهم [جعل*] طاعتهم في حيز المحال، وإخراجها عن حيز الإمكان، فضلا عن أن تكون محققة الوقوع، ورد هذا بأن الزمخشري ذكر فيما تقدم أنهم آمنوا بعد ذلك.
قوله تعالى: ﴿ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا... (١٥)﴾
[ارتاب مطاوع رابه*] فارتاب فهو مرتاب عليه، فالارتياب أخص لأنه لَا يكون إلا مطاوعا، والريبة تكون ابتداء وتكون بعد تقدم سببها، فيرد السؤال وهو أن نفي الريبة أبلغ، ومثله وقع بين الشيخ ابن عبد السلام وابن الحباب، في قول ابن الحاجب ينقسم.
فقال ابن الحباب: انقسم المطاوع لَا يكون إلا فيما يقبل القسمة وما لَا فلا، والجواب: أنه قصد الرفق بالمؤمنين لأن كل واحد منهم لَا يخلوا من خطور ريبة بقلبه، فمنهم من يسأل حتى يهتدي إلى الصواب، ومنهم من يدوم على ذلك حتى توجب تلك الريبة عنده ارتيابا في الإيمان فيكفر، فنفى هذا الثاني دون الأول؛ لأن الأول حصلت عنده الريبة ثم زالت، ولم توجب عنده ارتيابا في الإيمان.


الصفحة التالية
Icon