يُشْرَكَ بهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)، وإما أن نقول هذه الآية في الكفَار وليست في العصاة.
قوله تعالى: (وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ).
الزمخشري: ما معناه أن ذلك كيف قال: (بِظَلَّامٍ)، ولم يقل: بظالم مع أن نفي الأخص لَا يستلزم نفي الأعم؟ ثم أجاب بوجهين:
الأول: أن الظلم باعتبار التعلق، فيقال: ما زيد بظالم لغيره لأنه عبد واحد، وما زيد بظلام لعبيده، فتبالغ في النفي لأنهم عبيد كثيرون، فالمبالغة باعتبار المتعلق، انتهى، يلزم عليه سبب النفي المفهوم وهو أن لَا يكون ظالما لمجموع عبيده فيكون ظالما لبعضهم.
قال: الجواب الثاني: أن الكبير العظيم من النَّاس إذا اتصف بقليل الذم فهو في حقه عظيم، فلو تصور الظاهر من الله تعالى لما كان عظيما، قال الشاعر:
[الْعَيْب فِي الخامل المغمور مغمور | وعيب ذِي الشّرف الْمَذْكُور مَذْكُور*] |
كفوفة الظّفر تخفى من مهانتها | ومثلها في سواد العين مشهور |
وقال امرئ القيس:
يغطّ غطيط البكر شدّ خناقه | ليقتلني والمرء ليس بقتَّال |
وقال [الآبذي*] في شرح الجزولية: فإن قيل: يظهر من قوله تعالى: (وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) أن فعالا ليس للمبالغة إذ لو كان كذلك لاقتضى مفهومه إثبات قليل الظلم، فالجواب: أن التكثير في الفعل على وجهين:
أحدهما: أن يكون المفعول جماعة، تقول: جرحت الزيدين ولم يتكرر الفعل في كل واحد، والآية من هذا، والمراد من أن تكون كررته في المفعول، تقول: جرحت زيدا، ولما خفي هذا على الحريري.
قال في درة الفؤاد: له الصفة المذمومة قليلها في حق العظيم كثير، كقوله: العيب في العالم المحقور محقور، والصحيح ما تقدم، انتهى، بل الصحيح ما قال الحريري